أن يجب ذلك عليه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. وقد روي «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عدَّل صفوف أصحابه يوم بدر، وفي يده قدح يعدل به القوم فمر به ابن غزية حليف بني عدي ابن النجار وهو مستنصل من الصف فطعن في بطنه بالقدح، وقال: استوِ في الصف يا سواد، فقال: أوجعتني يا رسول الله وقد بعثك الله بالحق والعدل فأقدني قال: فكشف رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عن بطنه. فقال. استقد. قال: فاعتنقه وقبل بطنه. فقال: مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا يا سَوَادُ قال: يا رسول الله حضر ما ترى فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك، فدعا رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - له بخير وقاله» .
وقع هذا الحديث في البر لابن هشام فإن كان حديث الجامع، على ما يدل عليه ظاهره من أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، إِنما طعن الرجل من أجل ما رأى به من الصفرة، فهو حديث آخَر، في رجل آخَر، ويحتمل أن يكون هو الحديث بعينه، ويكون المعنى فيه أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رأى الرجلَ يريد سواد بن غزية، وفيه أثر صفرة خارجاً عن الصف يوم بدر، فطعنه بقدح كان بيده، ليعتدل في الصف. الحديث. وقوله: فجعل الرجل يقبل ذلك الموضع، إشارة منه إلى الموضع الذي كشفه له ليستقيد منه. وبالله تعالى التوفيق.
[ما جاء من أن رسول الله لم ينتقم قط لنفسه]
فيما جاء من أن رسول الله لم ينتقم قط لنفسه قال مالك: بلغني «أن عائشة قالت: مَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللهِ صلّي اللهُ عَلَيْهِ وَسلّمَ مِنْ شَيْءٍ قَطُّ أتَى إِلَيْهِ إِلّاَ أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللهِ فَيَنْتقِم لِلّهِ مِنْهَا» .
قال محمد بن رشد: يشهد لما قالته عائشة قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}[القلم: ٤] «وسئلت عائشة عن خُلقِ رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ