إلى المساكين الذين تفرق عليهم؛ لأن ذلك من وجه العمل عليها، ولأن الله تعالى قال:{خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً}[التوبة: ١٠٣]- الآية، فإذا كان الواجب على الإمام أن يأخذ منهم الصدقة في مواضعهم، ولم يجب على أرباب الأموال حملها إلى موضع المساكين، جاز للإمام أن يكتري على حملها منها - وإن كان عنده من الفيء ما يكتري عليه به، وأما إن لم يكن عنده فيء يكتري منه عليها، فلا اختلاف في جواز الاكتراء على حملها منها - إن كان ذلك أرشد من بيعها، وشراء غيرها في الموضع الذي تفرق فيه، فالاختلاف إنما يعود إلى كراهية الكراء عليها منها مع وجود الفيء، فكره ذلك مالك في قوله الأول، ورأى الكراء عليها من الفيء أحسن؛ وأجاز ذلك ابن القاسم ولم يكرهه؛ لأن قوله ولا أرى أن يتكارى عليه من الفيء، معناه لا أرى ذلك واجبا عليه، لا أن ذلك لا يجوز له أن يفعله؛ هذا ما لا يجوز أن يقال؛ لأن الفيء يجوز لمن تحل له الصدقة؛ وسيأتي هذا المعنى في رسم "نقدها" من سماع عيسى من كتاب النذور، وقد ذكر ابن عبدوس عن مالك من رواية ابن القاسم، وابن وهب، أنه لا يعطى من الفطرة من يحرسها، وهو نحو قول مالك هنا في كراهية الكراء على طعام العشور منه، فتدبر ذلك وقف عليه، وبالله التوفيق.
[العبد يكون شريكا لسيده في الزرع فلا يدفعان إلا خمسة أوسق هل يكون فيه زكاة]
ومن كتاب الجواب
وسألته: عن العبد يكون شريكا لسيده في الزرع، فلا يدفعان إلا خمسة أوسق، هل يكون فيه زكاة، أو يكون خليطا له في الغنم، لكل واحد منهما عشرون شاة، هل عليهما صدقة، قال ابن القاسم: قال مالك: ليس عليهما ولا على واحد منهما في ذلك قليل ولا كثير، لا في الزرع، ولا في الغنم؛ قال ابن القاسم وهذا مما لا شك فيه ولا كلام، واحذر من يقول غير هذا أو يرويه، فإن ذلك ضلال.
قال محمد بن رشد: من يقول إن العبد لا يملك، وأن مال العبد