للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مفسوخا، لأن لبن الفحل يحرم، وهذا لبن الفحل، فالرضاعة تحرم ما تحرم الولادة، وما أرى نكاحك إلا مفسوخا، وأما إذا تزوجت فارجع إلي إن شئت.

قال محمد بن رشد: لبن الفحل يحرم عند مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - وجميع أصحابه، ولا اختلاف فيه بين أحد من فقهاء الأمصار «لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لعائشة في عمها أفلح أخي القعيس: إنه عمك فليلج عليك» ، بعد أن قالت له: يا رسول الله إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل - تعني بالمرأة زوجة أبي القعيس - لأنها لما أرضعتها بلبنه صار أبا لها من الرضاعة وصار أخوه أفلح عما لها من الرضاعة، وقد كانت عائشة لا ترى لبن الفحل يحرم، فكان يدخل عليها من أرضعه بنات أخيها وبنات أختها ولا يدخل عليها من أرضعه نساء إخوتها، فرأى ذلك طائفة من العلماء، منهم ابن المسيب، وسليمان بن يسار، وعطاء بن يسار، والنخعي، وأبو قلابة علة في حديثها إذ لا يمكن أن تخالف ما روت عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لغير حجة علمتها، ولم ير مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذلك علة في حديثها إذ قد يمكن أن تكون خالفته لتأويل لا يلزم اتباعها عليه، إلا أن من مذهبه مراعاة الخلاف إذا قوي، فأراد، والله أعلم، بقوله للسائل: وأما إذا تزوجت فارجع إلي إن شئت، أن يسأله كم أرضعت الجارية؟ وهل كان رضاعها في الحولين أو بعد الحولين؟ إذ قد قال جماعة من العلماء: لا تحرم المصة ولا المصتان، على ما روي في ذلك عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وقال جماعة منهم أيضا: إنه لا يحرم من الرضاع ما كان بعد الحولين وإن قرب، ولم يكن قبل ذلك فصال، فلو اتفقت هذه الأسباب لم يفرق بينهما، والله أعلم، لأن الخلاف كان يقوى في المسألة لدخوله فيها من وجوه شتى، وبالله التوفيق.

[مسألة: المرأة المستخلفة على يتيمة هل تعقد لها النكاح]

مسألة وسألته عن المرأة المستخلفة على يتيمة أليس هي لا تعقد

<<  <  ج: ص:  >  >>