وابن أبي مليكة، أن النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شرب عسلا عند زينب بنت جحش، فاجتمعت عائشة وحفصة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - أن تقولا له إنا نشم منك ريح المغافير. والمغافير صمغ- متغير الرائحة، ويقال إنها بقلة واحدها مغفور- بضم الميم - فلما صار إلى كل واحدة منهما قالت له إني أشم منك ريح المغافير، فحرم النبي- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شرب العسل. وقيل إنه حلف على ذلك، وإن قول الله عز وجل {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ}[التحريم: ١] نزل في ذلك. وقد ذكرنا هذا قبل هذا في هذا الرسم في هذا السماع، والله أعلم عند من شرب العسل منهما. ويحتمل أن يكون شربه عند كل واحدة منهما من زينب وحفصة، وبالله التوفيق.
[بيان المحروم من هو]
في بيان المحروم من هو وسئل مالك عن المحروم من هو؟ فقال إنه ليقال، هو الفقير الذي لا يسأل ويحرم الرزق. ثم سئل بعد ذلك أيضا فقال: سمعت أنه الفقير الذي يحرم الرزق.
قال محمد بن رشد: تفسير مالك المحروم بأنه الفقير الذي لا يسأل صحيح؛ لأن الله عز وجل قال:{وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ}[المعارج: ٢٤]{لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ}[المعارج: ٢٥] يدل أن السائل غير المحروم، إذ لا يعطف الشيء إلا على غيره لا على نفسه. وكذلك القانع هو غير المعتر في قوله عز وجل: