قال محمد بن رشد: أجاز مالك في هذه المسألة نكاح اليتيمة قبل البلوغ إذا أقرت بالرضى أو كانت على ذلك بينة، وأمضاه قبل البناء، وإن كانت زوجت لغير حاجة، وقد مضى ما في ذلك من الاختلاف في رسم شك في طوافه، وإيجابه اليمين عليهما إنما هو رجاء أن تقر بالنكاح فإن حلفت سقط عنها النكاح، وإن نكلت عن اليمين لم يلزمها النكاح، وهو قول مالك في المبسوط، ومعناه: إذا كانت قد بلغت. وقد قيل: إنه لا يمين عليها لأنها إن نكلت عن اليمين لم يلزمها النكاح، حكى ابن حبيب القولين جميعا، وفي رواية يحيى أنها إن نكلت لزمها النكاح، يريد بعد يمين الزوج إن كان حقق الدعوى عليها إذا كان ثم سبب يدل على علمها، من كون الصنيع في دارها وما أشبه ذلك، وأما إيجابه اليمين على الأخ فلا وجه له في هذه المسألة لأنه مقر بالتزويج، وإنما يدعي أنه لم يعلم أخته، وإنما يتصور أن يحلفا جميعا على القول في إيجاب اليمين في النكاح إذا أنكر هو التزويج وأنكرت هي الرضى، فإن حلفا أو حلف أحدهما سقط النكاح، وإن نكلا لم يلزمهما النكاح؛ لأنهما إنما حلفا رجاء أن يقرا فيثبت النكاح بإقرارهما، وبالله التوفيق.
[مسألة: جارية أنكحها أخوها ثم مات الزوج قبل أن يدخل بها]
مسألة وروى أشهب وابن نافع قالا: سئل مالك عن جارية أنكحها أخوها ثم مات الزوج قبل أن يدخل بها فقال الورثة: أقيموا البينة أنها قد كانت رضيت، قال: تسأل إن كانت رضيت، فإن قالت: نعم، قيل له: أتسأل هي؟ فقال: نعم.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأن الورثة مدعون عليها أنها لم ترض فالقول قولها إنها كانت رضيت مع يمينها، فإن نكلت عن اليمين حلف الورثة أنها لم ترض ولم يكن لها ميراث، وهذا إن كانوا حققوا الدعوى عليها أنها لم ترض، وإن كانوا لم يحققوا الدعوى عليها بذلك فقد اختلف في وجوب اليمين عليها وفي وجوب ردها إذا وجبت عليها فنكلت عنها.