والقليل منه يراه ويحزره ويحيط به بصره، فلا غرر في ذلك إلا في الحيتان الصغار في الماء والطير الصغير في الأقفاص؛ لأنه يتداخل بعضه في بعض، فلا يحيط بصره بحزره؛ وإنما يجوز بيع الجزاف فيما وصفنا أنه يجوز بيعه جزافا إذا لم يعلم البائع كيل ما يكال من ذلك، ولا وزن ما يوزن منه، ولا عدد ما يعد منه؛ فإن علم ذلك وكتمه المبتاع، كان المبتاع بالخيار كالعيب يجده فيما ابتاع؛ وكذلك لو علم ذلك المبتاع ولم يعلمه البائع ثم اطلع بعد البيع أن المبتاع قد كان علم ذلك، لكان له الخيار؛ ولا يكون لذلك حكم البيع الفاسد، إلا أن يقول البائع أنا أعرف كيل ذلك، أو وزنه أو عدده؛ فأنا أبيعكه جزافا ولا أعلمك بذلك فيرضى به المشتري ويشتري على ذلك، فيكون البيع على هذا فاسدا، قاله ابن حبيب.
[مسألة: يبيع من الرجل سلعة بخمسين إلى أجل ثم يتعدى عليه البائع فيبيعها بأربعين]
مسألة قال ابن القاسم عن الرجل يبيع من الرجل سلعة بخمسين دينارا إلى أجل، ثم يتعدى عليه البائع فيبيعها بأربعين دينارا نقدا، قال: إن كانت قائمة فأحب المشتري أن يجيز البيع ويأخذ أربعين دينارا، كان ذلك له؛ وإن أبى، فسخ؛ قلت فإن كانت فائتة؟ قال فإن أحب أخذ القيمة، وإن أحب أخذ الثمن؛ قلت له: فإن كانت القيمة أربعين أو خمسة وأربعين؟ قال: إن ذهبت إلى القياس، أخذت القيمة وأغرمته خمسين إذا حل الأجل، ولكني أتهمهم