قال محمد بن رشد: وكان سعيد بن المسيب عالما بالبيوع، وكان أشبه أهل المشرق به محمد بن سيرين، فقيل له: سليمان ابن يسار؟ قال: لم أسمع عن سليمان بن يسار.
قال القاضي: البكاء من خشية الله لا يكون إلا مع حقيقة العلم بالله، قال الله عز وجل:{إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}[فاطر: ٢٨] وقال: {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ}[الرعد: ٢١] إلى قوله: {أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ}[الرعد: ٢٢]{جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ}[الرعد: ٢٣]{سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ}[الرعد: ٢٤] . وقال عز وجل:{وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}[الرحمن: ٤٦] . وقد كان سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار فرسي رهان في العلم والفضل، واختلف أيهما أعلم. وقيل: إن العلم كان لسليمان بن يسار، والذكر كان لسعيد بن المسيب، وبالله التوفيق.
[أخذ الأحاديث عن الثقة إذا لم يكن حافظا]
في أخذ الأحاديث عن الثقة إذا لم يكن حافظا وسئل مالك أيؤخذ ممن لا يحفظ وهو ثقة صحيح أتؤخذ عنه الأحاديث؟ قال: لا، فقيل: يأتي بكتب فيقول قد سمعتها وهو ثقة أتؤخذ منه؟ قال: لا تؤخذ منه، أخاف أن يزاد في كتبه بالليل. قال: وذكرت عنده كثرة الكتب فقال: ما شأن أهل المدينة ليست لهم كتب، مات ابن المسيب، والقاسم بن محمد ولم يتركا كتابا، ومات أبو قلابة فبلغني عنه أنه ترك حمل بغل كتبا.