قبضها وحازها ولم تعاين البينة القبض والحيازة، ثم مات الواهب وألفيت الجارية في يد الموهوب له، فقال: قبضتها في صحة الواهب، حين أشهد لي بقبضها، وقال الورثة: بل قبضتها بعد موته، ولما تشاهدا على الرهن والهبة دون القبض والحيازة، فألفي الرهن بيد المرتهن، أو الهبة بيد الموهوب له بعد الموت أو بعد قيام الغرماء، فادعيا أنهما قبضا ذلك، لم يصدق واحد منهما في ذلك باتفاق، إلا أن تكون لهما بينة على ذلك، ولا ينتفع في الرهن بإقامة البينة على أنه قد مضى قبضه وحازه قبل قيام الغرماء إلا أن تشهد البينة أنه قبضه وحازه بأمر الراهن وإذنه، والرهن في هذا بخلاف الهبة؛ لأن القبض فيه أوجه لقول الله عز وجل:{فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ}[البقرة: ٢٨٣] ولأن من أهل العلم من يقول: لا يكون رهنا حتى يكون مقبوضا. وبالله التوفيق.
[مسألة: ارتهن رهنا بحق له إلى أجل واشترط وضع الرهن على يد رجل]
مسألة ولو أن رجلا ارتهن من رجل رهنا بحق له إلى أجل، واشترط وضع الرهن على يد رجل ضمن للمرتهن قبضه وحوزه، وتحمل له مع ذلك بالحق إلى الأجل الذي رهن الرهن إليه فيه، فتركه عند الراهن ولم يقبضه، فقام صاحب الحق على قبض الرهن وحوزه، فقال الحميل: أنا أخرته عند الراهن، إرادة الرفق به، وأنا له وللحق ضامن إلى الأجل، فإن الحجة في ذلك إلى المرتهن؛ لأنه يقول: أخاف أن يفلس الحميل، والذي عليه الحق، فيدخل معي في الرهن عندي ولا آخذ من حقي وفاء فأرى أن يؤمر الحميل بقبض الرهن من الراهن، فإن لم يفعل نزع منه، ووضع للمرتهن على يدي غيره. والحمالة بالحق عليه كما هي.
قال محمد بن رشد؛ هذه مسألة بينة صحيحة، لا وجه للقول فيها، إذ لا إشكال في شيء من وجوهها ومعانيها. وبالله التوفيق.