قال محمد بن رشد: في قوله: "إن كان إنما أراد بذلك الكفارة إن هو ارتجعها في العدة نظر؛ لأنه خلاف المشهور في المذهب المعلوم من مذهب ابن القاسم، من أن من كفر قبل أن يريد العودة لم تجزه الكفارة، هذا قوله في المدونة، وقول كبار أصحاب مالك فيها: إن المظاهر إذا كفر بغير نية الجماع كما قال الله: {ثُمَّ يَعُودُونَ}[المجادلة: ٣] فمعنى يعودون يريدون، أن ذلك لا يجزيه، وكان يحيى بن عمر يقول تعلقا بظاهر هذا اللفظ، وما كان مثله من نحو قول ابن نافع في المدونة؛ ولأنه ممن كانت العودة جائزة له قبل أن يطلق: إن من صام وهو لا يريد المصاب، إلا أنه يريد حبس امرأته، أنه يجزيه، والصواب أن ذلك لا يجزيه على ما مضى القول فيه في رسم اغتسل، من سماع ابن القاسم، وفي أول سماع أشهب، وقد مضى في سماع أشهب تحصيل الاختلاف في إتمام الكفارة بعد الطلاق البائن، فلا معنى لإعادة ذلك، وبالله التوفيق.
[مسألة: ظاهر من نسوة له بكلمة واحدة]
مسألة وسئل عمن ظاهر من نسوة له بكلمة واحدة، فقال: كفارة واحدة تجزيه عنهن جميعا. قيل له: فإن جهل وظن أنه لا تجزيه إلا كفارة كفارة، فصام عن إحداهن. قال مالك: الكفارة تجزيه عنهن جميعا.
قال محمد بن رشد: هذا مثل ما في نص المدونة، ولا اختلاف في ذلك أعلمه؛ لأنه إنما هو بمنزلة من قال: والله، لا أقرب واحدة منكن، فليس عليه إلا كفارة واحدة، قربهن جميعا أو قرب واحدة منهن، وإن كفر قبل أن يطأ أجزأته الكفارة، وسواء نواهن كلهن بها أو لم ينو إلا واحدة منهن، وبالله التوفيق.