قال محمد بن رشد: قد مضى القول فيها مستوفى في أول رسم من سماع أشهب، فلا معنى لإعادته، وبالله التوفيق.
[مسألة: معروفا بالعدالة قال المجرحون نشهد أنه غير عدل ولا رضى]
مسألة قيل: فلو أن المجرحين قالوا للقاضي: نشهد أنه عندنا غير عدل ولا رضى ولم يصفوه بزنى ولا أَنْبِذَةٍ ولا بِقِيَان هل يكون ذلك تجريحا؟ قال: نعم يكون تجريحا إذا كان الشهود من أهل الانتباه والمعرفة بما يجرح به الرجل، قال أشهب: إذا كان الرجل معروفا بالعدالة مشهورا فيها؟ فقال المجرحون: نشهد أنه غير عدل ولا رضى لم يقبل منهم حتى يبينوا جرحتهم إياه ما هي وينصوها إلا أن يكون الرجل ليس بمشهور في العدالة، وإنما استخبر بمن يعدله فيجزي المجرحين بأن يقولوا: نعلم غير عدل ولا رضى كما يقول المعدلون له نعلمه عدلا رضى.
قال محمد بن رشد: تفرقة أشهب بين من كان مشهور العدالة وبين من لم يقبل إلا بتعديل لها وجه من النظر، وقول سحنون في مساواته بين الوجهين أظهر، والله أعلم؛ إذ قد قيل: إنه ليس للحاكم أن يكشف عن السبب الذي جرحوا به الشاهد؛ لأنهم قد يقولون: زنى وهم أربعة فيرجم إن كان محصنا أو يقولون: شرب خمرا فيحد فستر الحاكم على الشاهد وترك كشفه وإسقاط شهادته لتجريح من جرحه من العدول أولى من الكشف عن أمر قد تسوء العاقبة فيه، وستر المعترف بالذنب أولى من كشفه إلى حكم؛ لأنه إذا بلغ إليه لم يكن له إلا إقامة الحد ولا عفو له ولا شفاعة تنفع إذا رفع إليه والستر عليه يختار ما لم يبلغ إلى حاكم لقول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -