قال ابن القاسم: لا يقبل ذلك عنهما ولا ينظر إلى قولهما ولا حجة لهما إلا أن يأتيا بحجة يذكران أنها بقيت لهما بما يرى أن لذلك وجها. وإنما ذلك بمنزلة أن لو كانا هما يخاصمان لأنفسهما فلما أراد القاضي توجيه القضاء عليهما ذكرا حجة بقيت لهما، فإن أتيا بشيء يشبه أو شيء يرى له وجه يعرف وجه ما يذكران ويعتذران به ويحتجان قبل ذلك منهما، وإلا لم يلتفت إليهما ووجه القضاء عليهما، ووكيلهما بمنزلتهما في ذلك سواء، ويجري مجراهما، وإن زعما أنهما لم يعلما بما كان يخاصم به لم يكن لهما في ذلك حجة ولا كلام؛ لأنهما قد وكلاه ورضيا به، فإذا رضيا بوكالته فقد رضيا بكل ما يخاصم به فكأنهما اللذان يخاصمان لأنفسهما.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة صحيحة بينة لا إشكال فيها ولا وجه للقول، إذ قد بين ابن القاسم وجه الحجة لما قاله بما لا مزيد عليه، والله الموفق.
[عبد بين ثلاثة نفر غاب أحدهم فباع الاثنان من رجل وزعما أن صاحبهما وكلهما]
ومن كتاب أوله إن امكنتني من حلق رأسك
وسئل عن عبد بين ثلاثة نفر فيغيب أحدهم فبيع الاثنان من رجل ويزعمان له أن صاحبهما وكلهما، ثم يجيء صاحبهما فينكر البيع ويقول لم آمركما، فقال: يخير المشتري، فإن شاء رده كله ولم يلزمه شيء، وإن شاء أمسك حظ الاثنين اللذين باعاه ورد سهم الغائب، وهو في ذلك مخير. قلت: فلو أن رجلا ادعى على أن الغائب استخلفه على البيع فباع من الاثنين ثم قدم الغائب فأنكر أن يكون استخلفه. فقال: يلزمه اشتراؤه حظ الاثنين ويرد حظ الغائب وليس له في ذلك خيار، وكذلك قال مالك.
قال محمد بن رشد: تفرقته بين أن يدعي الشريكان وكالة شريكهما