بين أن يجيز الصلح فيدفع الطعام الذي صالح به عنه، وبين ألا يجيزه ويدفع الدرهم الذي تحمل به عنه، وقيل: إن ذلك لا يجوز؛ لأنه يدفع طعاما ولا يدري إن كان يرجع به أو بالدرهم، من أجل الخيار الذي في ذلك للمشتري المتحمل عنه؛ واختلف إن لم يبين على أن وجه دفع الطعام على ماذا يحمل إن كان على الشراء فيرجع بالدرهم الذي ابتاع، أو على الصلح عن المشتري المتحمل عنه؛ فلا يجوز في قول من أجل الخيار الذي للمتحمل عنه، فلا يدري الحميل بما يرجع، ويجوز في قول من أجل أنه خيار أوجبه الحكم لم يعملا عليه.
[مسألة: اشترى من رجل طعاما بعينه غائبا عنه]
مسألة قال أصبغ سمعت ابن القاسم وسئل عن رجل اشترى من رجل طعاما بعينه غائبا عنه، ثم إذا الطعام قد قدم به وكيل البائع بعد الصفقة، كان قد حمله قبل الصفقة أو بعدها ولا علم له؛ قال البيع للبائع لازم، فإن شاء أن يدفعه إليه ههنا، دفعه إن رضي المشتري أن يأخذه منه ههنا، وإلا فعليه أن يرده له، أو يدفع مكانه إليه شراءه هناك وقاله أصبغ.
قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قال؛ لأن الطعام قد وجب للمبتاع بالشراء، فإذا قدم به البائع أو وكيله، كان كمن تعدى على طعام رجل فحمله من بلد إلى بلد؛ لأن الخطأ في هذا والعمد سواء، فيكون على المتعدي مثل الطعام الذي حمله في الموضع الذي حمله منه، إلا أن يتراضيا على أخذه أو أخذ سواه في البلد الذي حمله إليه، فيكون ذلك جائزا، وبالله التوفيق.