ومن كتاب مسائل بيوع من كراء قال: وسئل: عن الذي يهب ثمن حائط هذه السنة ثم يريد أن يبيع أصل الحائط من رجل آخر، فقال: لا يصلح أن يبيعه ما لم تؤبر الثمرة، ولو باعه بعد أن توبر لم يكن له بأس.
قال محمد بن رشد: لابن القاسم في رسم الصلاة من سماع يحيى بعد هذا: إن ذلك لا يجوز، إلا أن يبيع الأصل في دين رهنه إذا ألجئ إلى ذلك من فلس، وهو مثل قوله في المدونة: إن الغرماء إذا أقاموا على صاحب الحائط البينة فلهم أن يبيعوا الحائط. والمساقاة كما هي، إذ لا فرق بين أن يكون ثمر الحائط أو بعضه قد وجب قبل بيع الحائط لغير رب الحائط بهبة أو بمساقاة.
وقد روى أشهب عن مالك إجازة بيع الحائط مساقاة والعامل فيه لم يذكر تفليسا ولا غيره، فهي مسألة فيها ثلاثة أحوال:
أحدها: إن ذلك لا يجوز في فلس ولا غيره؛ لأن ذلك بمنزلة ما لو باع حائطه واستثنى ثمره قبل الإبار أو قبل الطلوع وهو نص قول غير ابن القاسم في مسألة المساقاة في المدونة إن لم يجز ذلك في الفلس فأحرى لا يجيزه في غير الفلس.
والثاني: إن ذلك جائز في الفلس وغيره؛ لأن البائع لم يستثن الثمرة لنفسه، فيكون باستثنائها كأنه اشتراها، وإنما علم بوجوبها لغيره، فهو عيب تبرأ منه في بيعه.
والثالث: الفرق بين الفلس وغيره، وهو قول ابن القاسم في سماع يحيى في مسألة الهبة، وقوله في المدونة في مسألة المساقاة، وكان سحنون فيما حكى عنه ابن عبدوس يستحسن قول غير ابن القاسم، في أن ذلك لا يجوز، في فلس ولا غيره؛ لأنه من بيع الأصل، واستثناء ثمرته، ثم رجع إلى قول ابن القاسم ورآه من جنس الضرورة؛ لأن أصحابنا يجوزون عند الضرورة من البيع ما لا يجوزونه عند غير الضرورة، والذي أقول به: إن ذلك جائز في الفلس وغيره؛ لأن بيع