الثلث مقاصة من الثمن، ولا يجوز ذلك نقدا؛ لأنه إن اشترى ذلك بالنقد، دخله البيع والسلف؛ لأنه إذا حل الأجل يأخذ منه جميع الثمن، فيكون ما قابل منه الثمن الذي نقده في الطعام الذي اشتراه منه قضاء منه، كأنه أسلفه إياه وبقيته ثمنا للطعام الذي صار إليه؛ ويدخله أيضا طعام وذهب بذهب إلى أجل، وهذا ما لم يغب المبتاع على الطعام؛ وأما إن غاب على الطعام، فلا يجوز له أن يشتري منه شيئا قليلا ولا كثيرا نقدا ولا مقاصة؛ لأنه إن كان نقدا كان بيعا وسلفا دنانير وطعام، وإن كان مقاصة، كان بيعا وسلف طعام.
[مسألة: باع خمسة عشر جلدا كل جلد بدينار إلا درهما إلى أجل]
مسألة وقال مالك، في رجل باع خمسة عشر جلدا، كل جلد بدينار إلا درهما إلى أجل، فلما وجب البيع بينهما، قال له الرجل: تعال احسب هذا؛ قال: هذه أربعة عشر دينارا، قال: فاكتب بيني وبينك كتابا بأربعة عشر دينارا؟ فكره هذا البيع، وقال: لا خير فيه.
وفيه وجه آخر من مكروه البيع؛ قال ابن القاسم: وذلك لو أنه جاز، أخذ منه عند الأجل خمسة عشر درهما، وأعطاه خمسة عشر دينارا، فصار صرفا متأخرا، وإنما يجوز من هذا إلى أجل الدرهم والدرهمين الذي لا يقع فيه غرر في خفض صرف ولا في ارتفاعه.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة قد مضى القول فيها مستوفى في رسم البيوع الأول من سماع أشهب من كتاب الصرف.