[مسألة: استؤجر على خادم يبلغه فمات في بعض الطريق أو أبق]
مسألة قال: وقول مالك فيمن استؤجر على خادم يبلغه، فمات في بعض الطريق أو أبق، فإن أبق حوسب، وإن مات فله الأجرة كلها، وقال ابن القاسم فيه الموت والإباق عندي واحد، نرى أن تكون له الأجرة كلها. قال ابن وهب: له من الأجرة إلى حيث بلغ فقط، وقاله أصبغ، إلا أن للمستأجر أن ير يستعمله في مثل ذلك حتى يبلغ ويتم، أو يواجره في مثله حتى يتمه.
قال محمد بن رشد: قول مالك: إن له الأجرة كلها في الموت، وقول ابن القاسم: إن له الأجرة كلها في الموت والإباق، معناه: ويكون للمستأجر أن يستعمله في مثل ذلك على ما قاله أصبغ. فالصواب في قوله أن يكون متصلا بقول ابن القاسم على سبيل التفسير له، لا بقول ابن وهب.
فيتحصل في المسألة ثلاثة أقوال؛ أحدها: أن الإجارة لا تنفسخ لا في الموت ولا في الإباق، ويستعمله المستأجر في مثل ما بقي، وتكون له أجرته كاملة، وهو قول ابن القاسم. والثاني: أنها تنفسخ فيهما جميعا، ويكون له من الأجرة إلى حيث ما بلغ فقط، وهو قول ابن وهب هاهنا، وقول ابن القاسم وأصبغ في رسم الكراء والأقضية من سماع أصبغ، من كتاب الرواحل والدواب. والثالث: الفرق بين الموت والإباق، وهو قول مالك. ويتخرج في المسألة قول رابع: أنها تنفسخ في الإباق، ولا يكون له فيما مضى من الطريق شيء، ولا تنفسخ في الموت، وذلك على ما في المدونة لمالك في تلف الشيء المستأجر على حمله من قبل ما عليه استحمل؛ لأن الإباق للأجير فيه سبب بترك التوثق والتعاهد. وقد مضى القول على هذا في رسم طلق من سماع ابن القاسم، وبالله التوفيق.