مخرج يمينه إلى مقدار سفره إليه، إن كانت نيته ذلك هو كلام ليس على ظاهره، وفيه إضمار لا يستقيم الكلام إلا به، وتقديره أنه يحمل مخرج يمينه إلى مقدار سفره، ولا يحمل على أنه إنما أراد ألا يخرج إلى ذلك الموضع في مغيبه، وإن كانت نيته ذلك فيما زعم، يريد إلا أن يكون ليمينه بساط يدل على ذلك، أو يأتي مستفتيا؛ لأنه إذا أتى مستفتيا فهو بمنزلة إذا كانت يمينه بما لا يقضى به عليه، وقد مضى بيان هذا في رسم الجنائز والذبائح، من سماع أشهب، من كتاب النذور، وقال ابن القاسم في كتاب ابن المواز في هذه المسألة: وهذا إذا لم تكن له نية خلاف قوله هاهنا، إلا أن يكون معنى ما تكلم به عليه إذا أتى مستفتيا، وبالله التوفيق.
[مسألة: حلف بطلاق أو عتاق وهو لا يعقل شيئا]
مسألة وقال: وسمعته يقول في الذي يسقي السيكران، فحلف بطلاق أو عتاق، وهو لا يعقل شيئا: لا شيء عليه، وهو بمنزلة البرسام وهو شيء يجعل له، ولم يدخله هو على نفسه إذا كان إنما يسقاه ولا يعلمه، وقال أصبغ: ولو أدخله على نفسه وشربه على علم به على وجه الدواء والعلاج، فأصابه ما بلغ به ذلك، لم يكن عليه شيء أيضا، ولم يكن بمنزلة السكران من الخمر ولا شاربها.
قال محمد بن رشد: قوله في الذي يسقي السيكران، فيحلف بطلاق أو عتاق، وهو لا يعقل شيئا: إنه لا شيء عليه صحيح لا اختلاف فيه؛ لأنه في حكم المجنون الذي رفع القلم عنه، بحكم الشرع مرفوع.
وقوله إذا كان يسقاه، ولا يعلمه كلام فيه نظر؛ لأنه يدل على أنه لو شربه وهو يعلم أنه يفقد به عقله، للزمه ما أعتق وطلق، وإن كان لا يعقل، وهذا لا يصح أن يقال، وإنما يلزم السكران العتق والطلاق من ألزمه ذلك من أهل العلم، من أجل أن معه بقية من عقله، لا من أجل أنه أدخل السكر على نفسه، وقد قيل: إنما ألزم الطلاق والحدود من أجل أنه أدخل السكر على نفسه، وليس ذلك بصحيح، وإن كان الذي يسقي السيكران يسكر به