في ابتياع الكلب الضاري وسئل ابن كنانة فقيل له: هل يكره للرجل أن يبتاع الكلب كما يكره للبائع بيعه، فإن الرجل ربما احتاج إلى كلب لغنمه أو لصيد؟ قال: البائع في ذلك أضيق حالا؛ لأن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «نهى عن ثمن الكلب» . وأما المشتري فإن احتاج إلى ذلك فيما يجوز له اقتناؤه من الكلاب فلا بأس بابتياعه، وذلك ربما عسرت الهبة والمعروف ووقعت الحاجة إلى ذلك.
قال محمد بن رشد: إجازة ابن كنانة لاشتراء الكلب الضاري هو مذهب ابن القاسم، روى أبو زيد عنه في سماعه من كتاب جامع البيوع أنه قال: لا بأس باشتراء الكلاب كلاب الصيد، ولا يعجبني بيعها. وذلك نحو قول أشهب في المدونة في الزبل المشترى يجوز في شرائه من البائع؛ لأن الحاجة قد تدعوه إلا شراء الكلب للصيد وشبهه مما جوز له اتخاذه له، وكذلك الزبل إذا لم يجد من يعطيه ذلك دون ثمن ولا حاجة بأحد إلى بيعه؛ لأنه إذا لم يحتج إليه تركه لمن يحتاج إليه. وسحنون يجيز بيعه، قال ويحج بثمنه. وهو قول ابن نافع، وقد روي ذلك عن ابن كنانة، وهو قول جل أهل العلم والصحيح في النظر؛ لأنه إذا جاز له الانتفاع به وجب أن يجوز بيعه وإن لم يحل أكله كالحمار الأهلي الذي لا يجوز أكله ويجوز بيعه لما جاز الانتفاع به. ومن الدليل على ذلك أيضا قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من اقتنى كلبا لا يغني عنه زرعا ولا ضرعا نقص من أجر عمله كل يوم قيراط» . والاقتناء لا يكون إلا بالشراء. وما روي عن النبي - صلى الله