ويعقوب من رحمتنا. وكان الذي وهب لهم من رحمته ما بسط لهم في عاجل الدنيا من سعة رزقه وأغناهم بفضله. وقوله:{وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا}[مريم: ٥٠] يقول: ورزقناهم الثناء الحسن والذكر الجميل من الناس. وإنما وصف جل وعلا اللسان الذي جعل لهم بالعلو لأن جميع أهل الملل يحسن الثناء عليهم، والعرب تقول: جاءني لسان فلان يعنون ثناءه أو ذمه، ومنه قول الشاعر، قيل هو عمرو بن الحارث، وقيل هو أعشى باهلة:
إني أتاني لسان لا أسر بها ... من علو لا عجب فيها ولا سخر
يروى:
لا كذب فيها ولا سخر
جاءت مرخمة قد كنت أحذرها ... لو كان ينفعني الإشفاق والحذر
فتفسير مالك لذلك بقوله: إنه مثل قول الله للنبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: {وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ}[الشرح: ٤] تفسير صحيح. ومن ترفيع ذكره في الدنيا الشهادة بالرسالة في الأذان للصلوات إلى يوم القيامة، وبالله التوفيق.
[التسمي بجبريل]
في التسمي بجبريل وسئل مالك عن الرجل يسمى جبريل، فكره ذلك ولم يعجبه وقال:{إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ}[آل عمران: ٦٨] وهذه الأمة الذين اتبعوه.