يوجد في المسألة التي احتج بها نص اختلاف بين أصحاب مالك كما زعم فإن الاختلاف عندي داخل فيها بالمعنى، فعلى قياس القول الأول لا يقضى له ببينة إن جاء بها ولا بشاهد مع يمينه، وعلى القول الثاني يقضى له ببينته إن جاء بها ولا يقضى له بشاهد مع يمينه لنكوله أولا عن اليمين، وعلى القول الثالث يقضى له ببينته إن جاء بها وشاهد مع يمينه إن جاء بشاهد واحد، وكذلك أيضا لو نكل المدعى عليه عن اليمين فغرم بعد يمين المدعي ثم وجد بينته على القضاء أو شاهدا واحد فأراد أن يحلف معه ويسترجع ما غرم لجرى الأمر في ذلك على الأقاويل الثلاثة، وقد ذهب بعض الناس إلى أن هذه المسألة معارضة لأول مسألة من رسم المكاتب، وليس ذلك عندي بصحيح، والفرق بين المسألتين أن الطالب في هذه المسألة قد رضي بترك حقه في أن يحلف مع شاهده واستحلف المطلوب فصار ذلك حكما له باليمين فلا تبطل على أحد القولين، ومسألة كتاب المكاتب الحق فيها إنما هو لله، ولا يجوز فيه إلا أربعة شهداء، فإذا شهد فيه أقل من أربعة شهداء لم تجز شهادتهم ولا كان لها حكم يتعلق بالمشهود عليه ولا بالمشهود له القائم بالشهادة، فوجب إذا جاء شاهد رابع أن يضاف إلى الثلاثة فيقام الحد على المشهود عليه ولا يحد الثلاثة إن كانوا لم يحدوا بعد، وهذا على القول بأنه ليس من شرط صحة الشهادة على الزنى أن يأتي الشهود جميعا؛ لأنه على هذا القول بمنزلة من أقام شاهدا واحدا على نسب أو على عتق فلم يحكم بشهادته، إذ لا يجوز في ذلك أقل من شهادة شاهدين حتى جاء بشاهد آخر، ولا اختلاف في أنه يضاف إلى الشاهد الأول فيحكم بشهادتهما، وقد مضى في رسم الصبرة القول في إتيان المحكوم عليه ببينة لم يعلم بها، وهي من شرح هذه، وبالله التوفيق.
[مسألة: يقتل أخوه وللمقتول أولاد هم ورثته فشهد الأخ على رجل أنه قتل أخاه]
مسألة وسألته: عن الأخ العدل المشهور بالصلاح يقتل أخوه وللمقتول أولاد هم ورثته، فشهد الأخ على رجل أنه قتل أخاه