بحقه، وليس هو مثل الذي لا يجد بينة أو تغيب بينته فيقضي على خصمه باليمين ثم يجد البينة على حقه، أو يقدم شهداؤه الغيب فهذا الذي يستحق حقه لما يحدث له من إحضار بينته.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة فيها أربعة أقوال؛ أحدها: ظاهر قوله في هذه الرواية إن نكوله عن اليمين مع شاهده ويمين صاحبه قطع بحقه فلا يكون له شيء، وإن أتى بشاهدين سوى الأول، وهو قول ابن كنانة وابن القاسم في المبسوطة.
والثاني: أنه إن جاء بشاهدين سوى الأول قضي له بهما، وإن أتى بشاهد واحد لم يقض له بشيء.
والثالث: أنه إن أتى بشاهدين سوى الأول قضى له بهما وإن أتى بشاهد واحد قضى له به مع الشاهد الأول وأخذ حقه دون يمين، وهو قول عيسى بن دينار ورواية ابن الماجشون عن مالك.
والرابع: أنه إن أتى بشاهدين قضى له بهما، وإن أتى بشاهد واحد سوى الأول استؤنف له الحكم فحلف معه، واختلف على هذا القول إن نكل عن اليمين، فقيل: يحلف المطلوب ثانية، روي ذلك عن ابن القاسم، وقيل: لا يرد اليمين على المطلوب ثانية؛ لأنه قد حلف عليه مرة، وهو قول أحمد بن ميسر، وهذا الاختلاف إنما هو إذا لم يعلم أن له شاهدا سوى شاهده أو علم به وهو بعيد الغيبة في الموضع الذي يكون له أن يقدم ببينته إذا استحلف المدعى عليه ولا شاهد له.
قال ابن دحون: فإن اشترط عند يمين المطلوب أنه يقوم إن وجد شاهدا آخر أو شاهدين على ذلك وحلف المطلوب فله ذلك عند الجميع، ومعنى قوله عندي إذا رضي المطلوب أن يحلف على ذلك، وأما إن لم يرض فلا يلزمه الرضى كما لا يلزمه الرضى بذلك إذا لم يكن للطالب شاهد، بل هو هنا أحرى ألا يلزمه، واختار أصبغ القول الأول، قال: ومما يبين ذلك أن لو لم يكن له شاهد فقضي على المدعي عليه باليمين فنكل عنها فردت على المدعي فنكل عنها فلم يأخذ شيئا ثم وجد بينة على دعواه أنه يقضى له بها.
قال أصبغ: وهذا الذي لا أعرف غيره من قول أصحاب مالك يريد أصبغ أن المدعي كان قادرا على أن يأخذ حقه بيمينه عند نكول المدعى عليه كما كان قادرا على أخذ حقه ببينة مع شاهده، وتنظيره بين المسألتين صحيح، وإن لم