للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال محمد بن رشد: وهذا كما قال لأن الأب يحوز لبنيه الصغار ما وهبه لهم، وما حلاهم إياه من الحلي فقد وهبه لهم؛ لأنه بمنزلة ما كساهم من الثياب؛ لأنه مما يلبس كما يلبس الثياب. قال تعالى: {أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ} [الزخرف: ١٨] فهو محمول على الهبة، إلا أن يشهد الأب أنه لم يحلهم إياه إلا على سبيل الإمتاع. وبالله التوفيق.

[مسألة: يتصدق على ابنه الصغير بالعبد ويشهد له عليه]

مسألة وسئل عن الرجل يتصدق على ابنه الصغير بالعبد، ويكتب له بذلك كتابا، ويشهد له عليه، فيقيم العبد على ذلك ما شاء الله السنتين أو أكثر، ثم يتبع نفس السيد العبد فيشتريه من ابنه بثمن، ويشهد له على ذلك، ويقول: قد ابتعته بكذا وكذا فهي له عندي، ثم يموت الأب ويطلب ذلك الغلام الثمن، أتراه له على أبيه؟ فقال لي: ما أحرى مثل هذا إذا صح أن يجوز ذلك. وقال عيسى: قال لي ابن القاسم: وأنا أرى ذلك جائزا فقال سحنون مثله.

قال محمد بن رشد: أجاز في هذه الرواية إذا تبعت نفسه العبد الذي تصدق به على ابنه أن يشتريه منه كما قال في المدونة في الجارية، وهو في الجارية أعذر منه في العبد، إذ قد تعلق نفسه بها، فيتأذى بفراقها، فلو تصدق بالجارية على أجنبي ثم تبعتها نفسه، وتعلقت بها لما بعد أن يجوز شراؤه لها، والعبد بخلاف ذلك. فدلت هذه الرواية على أنه يجوز له أن يشتري ما تصدق به على ابنه، بخلاف الأجنبي، للشبهة التي له في مال ابنه. يقول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «أنت ومالك لأبيك» ألا ترى أنه قد جاز في

<<  <  ج: ص:  >  >>