[يشتري السلعة في سوق المسلمين فيدعيها رجل قبله ويقيم البينة]
ومن كتاب أوله استأذن سيده في تدبير جاريته وسئل ابن القاسم عن الرجل يشتري السلعة في سوق المسلمين، فيدعيها رجل قبله، ويقيم البينة أنها اغتصبت منه، فيزعم مشتريها أنها هلكت، قال: إن كانت حيوانا فهو مصدق، وإن كانت مما يغيب عليه لم يقبل قوله، وأحلف بالله الذي لا اله إلا هو أنه هلك، ويكون عليه قيمتها، إلا أن يأتي بالبينة على هلاك من الله إياه، مثل اللصوص والغرق والنار ونحو ذلك، فلا يكون عليه شيء، قيل له: فإن قال: بعتها بكذا وكذا، ولم يكن على ذلك بينة، إلا قوله، أيصدق على ذلك، أم لا يصدق إلا بينة تقوم؟ قال: قوله مقبول في ذلك؛ لأنه قد يعرف الشيء في يديه، ثم يتغير عنده قبل أن يبيعه بكسر أو عور أو شيء يصيبه.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة جيدة صحيحة، وإنما قال: إنه يحلف إذا ادعى تلاف السلعة التي اشترى ويغرم قيمتها، مخافة أن يكون غيبها، ومثل هذا يجب في المرتهن والمستعير والصانع يدعون تلف ما يغاب عليه. وقوله في آخر المسألة: إنه إن أتى بالبينة على الهلاك لم يكن عليه شيء، معناه أن يشهد البينة على معاينتها لهلاك ذلك، وهو ظاهر ما في كتاب بيع الخيار من المدونة، ونص قول مالك في رواية ابن القاسم عنه، سئل عن الصناع تحترق منازلهم، فيدعون أمتعة الناس احترقت، مثل الصباغ والخياط والحائك والصواغ، وما أشبه ذلك، قال: لا يصدقون، وذلك من أمر الحريق؛ لأنهم يتهمون أن يخبئوا أمتعة الناس، ويحرقون الحصير وما أشبه، فلا أرى أن يقبل قولهم، إلا أن يأتوا بشيء معروف، ومقال مالك في كتاب ابن المواز في الصانع يسرق بيته، ويعلم ذلك، فيدعي أن المتاع ذهب مع ما ذهب، أنه لا يصدق، قال: وكذلك لو احترق بيته، فرأى ثوب الرجل