[مسألة: أوصت فقالت ما في بيتي لمولاتي فلانة فقالت المولاة ثياب ظهرها لي]
مسألة قال وسمعته يسأل عن امرأة أوصت فقالت: ما في بيتي لمولاتي فلانة، فقالت المولاة ثياب ظهرها لي، فقال: إذا كانت المرأة لا ولد لها وكانت مولاتها نفيسة عندها، ولم تكن ثيابها الثياب الرائعة التي يظن بها أنها تصونها عن مثلها، ولم تقل: متاع بيتي، إنما قالت: ما في بيتي رأيت ذلك لها، وعسى أن تكون أرادت أن تكف ثيابها. فقيل له: أرأيت إن كان لها ثياب مرهونة؟ فقال: إنما قالت: ما في بيتي فأما أن يكون لها ثياب عند أخت لها أو مرهونة، فلا. فقيل له: أرأيت ما ماتت وهو عليها من ثيابها، وماتت في البيت، أتراها مع ثيابها التي في البيت؟ فقال: أرى لها، وإني لأحسب الثياب التي عنها ورثتها دنية، وأن الثياب التي في البيت أجود منها، وما أراها كانت تعطيها ثيابا وتمنعها هذه. وقد ذكر في غير هذه المسألة ما يشبه هذا القول، ولم تذكر نفيسة ولا غيرها، ولم تذكر دناءة الثياب ولا رفعتها، ولكن هذا مرسل إلا أنه سأل فقال: من ورثتها؟ فقيل: لم يرثها ولد.
قال محمد بن رشد: هذا كله بيِّن على ما قاله؛ لأن ما لم ينص الموصي عليه نصا جليا وإنما يرجع فيه إلى الظاهر، فيستدل فيه على إرادة الموصي بالأشياء التي سأل عنها وشبهها مما يغلب على الظن بها إرادة الموصي؛ لأن الأصل في الأحكام الظاهرة غلبة الظنون، إذ لا يقطع على مغيبها. ولذلك قال النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إنما أنا بشر، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من النار» . وبالله التوفيق.