مسألة قال أصبغ سألت ابن القاسم عن المرأة تضع عن زوجها مهرها على أن يحجها، قال هذا حرام لا يحل؛ لأنه الدين بالدين، وقاله أصبغ.
قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قالا: إنه فسخ الدين في الدين؛ لأنها فسخت ما لها عليه من المهر في شيء لم تنتجزه من إحجاجه إياها من ماله إما بشراء، وإما بالكراء، والقيام بكل ما يحتاج إليه في ذلك ذاهبة وراجعة؛ وقد وقع في رسم إن خرجت من سماع عيسى من كتاب الصدقات والهبات مسألة معارضة لهذه في الظاهر، كان الشيوخ يحملونها على أنها خلاف لها؛ ومثل هذا لا يصح أن يختلف فيه، فالواجب أن يتأول على ما يوافق الأصول؛ ونصها سئل ابن القاسم عن رجل سأل من امرأته أن تضع عنه مهرها، فقالت له إن حملتني إلى أمي فهو عليك صدقة؛ فتصدقت به عليه أن يحملها إلى أختها وكانت مريضة، ثم بدا له أن يحملها بعد أن وضعت عنه الصداق، فخرجت هي من غير إذنه فسارت إلى أختها؛ هل ترى الصداق له؟ فقال: إن كانت خرجت مبادرة إليها لتقطع بذلك ما جعلت لزوجها فلا شيء عليه، وإن كان بدا له في حملانها وأبى أن يسير بها وعلم ذلك رجعت عليه بما وضعت عنه، فنقول إن المعنى في هذه المسألة أنه إما وضعت عنه الصداق على أن يخرج معها ولا تمضي مفردة دونه، لا على أن يحملها من ماله، أو ينفق عليها في شيء من سفرها سوى النفقة التي تجب لها في مقامها؛ فإذا حملت المسألة على هذا صحت وكانت موافقة للأصول، ولعلها لم تكن ذا محرم يخرج معها، فكانت إنما بذلت له الصداق على رفع الحرج عنها بخروجه