ولا نفسه، ولا يحرك به لسانا، قال: ليست هذه قراءة، وإنما القراءة ما حرك به اللسان. ولا بأس أن يرفع المرء صوته بالقراءة إذا كان وحده وكان في بيته، ولعل ذلك يكون أنشط له وأقوى له على ذلك. وقد كان الناس بالمدينة يرفعون أصواتهم بالقراءة من جوف الليل، حتى إن القوم يريدون السفر فيقولون: موعدكم الساعة التي يقوم فيها القرآن.
قال محمد بن رشد: أما قراءة الرجل في نفسه ولم يحرك بها لسانه ليست بقراءة، صحيح؛ لأن القراءة إنما هي النطق باللسان، وعليها تقع المجازاة. والدليل على ذلك قول الله -عز وجل-: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ}[البقرة: ٢٨٦] ، وقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تجاوز الله لأمتي عفا حدثت به أنفسها مما لم ينطق به لسان أو تعمل به يد» ، فكما لا يؤاخذ الإنسان بما حدثت به نفسه من الشر ولا يضره، فكذلك لا يجازى على ما حدث به نفسه من القراءة أو الخير المجازاة التي يجازى بها على تحريك اللسان بالقراءة وفعل الخير. وأجاز للذي يصلي من الليل أن يرفع صوته بالقراءة، وإن كان في ذلك إظهار لعمله؛ لما في ذلك من العون له على الصلاة والنشاط عليها؛ لقوله: لا بأس بذلك، واستحب ذلك له في رسم "شك في طوافه" من سماع ابن القاسم، وقد مضى القول هنالك في وجه ذلك، وبالله التوفيق.
[مسألة: يجد الإمام راكعا قبل أن يصل إلى الصف]
مسألة وسئل عن الذي يجد الإمام راكعا، قال: أحب إلي ألا يركع