قال القاضي: الحديث الذي أشار إليه ابن القاسم هو حديث يوم بني عمرو بن عوف إذ ذهب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ليصلح بينهم، فجاء وأبو بكر يصلي للناس فأشار إليه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يمكث مكانه فلم يفعل برا برسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - واستأخر فتقدم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - معناه: أنه تقدم أمام الناس فصلى أمام الناس فصلى مؤتما بأبي بكر لا إماما بالناس، ولو صح أنه تقدم فصلى بالناس ما بقي من صلاتهم لكان ذلك خاصا له أو منسوخا من فعله بما فعله في مرضه، إذ جاء وأبو بكر يصلي فصلى إلى جنبه مؤتما به على الصحيح من التأويلات في الحديث، وإنما أجاز ابن القاسم صلاتهم إذا صلى لهم بقيتها؛ لأنه ابتدأها بهم فراعى مذهب أهل العراق في إجازة البناء في الحدث.
وأما لو لم يبتدئ بهم الصلاة فجاء وهم يصلون فأخرج الإمام وتقدم فصلى بهم بقية صلاتهم لبطلت صلاتهم أجمعين باتفاق، أما هم فمن أجل أنهم أحرموا قبل إمامهم، وأما هو فمن أجل أنه ابتدأ صلاته من وسطها.
والصحيح على المذهب أن صلاتهم باطلة؛ لأنه بالحدث يخرج عن الصلاة، فإذا توضأ وانصرف فأخرج الذي قدم وتقدم هو صار مبتدئا لصلاته من وسطها، وصاروا هم مؤتمين به وقد أحرموا قبله، وذلك مبطل لصلاتهم إلا على مذهب من يرى صلاة القوم غير مرتبطة بصلاة الإمام.
وهذا إذا كان حين انصرف أحرم بعد أن أخرج الذي كان قدم على ظاهر الرواية الذي هو كالمنصوص فيها.
ولو تأول متأول أنه لما انصرف أحرم خلف الإمام الذي قدمه ثم أخرجه بعد ذلك عن الإمامة وتقدم هو موضعه لصح جواب ابن القاسم على تأويله، وإن كان تأويلا بعيدا عن الظاهر.
وكذلك لو حمل ما في الحديث من استيخار أبي بكر وتقدم رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على أنه إنما تقدم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مكانه بعد أن أحرم وراءه ودخل معه في الصلاة لصح بذلك معنى الحديث واستقام بناء المذهب عليه.
[مسألة: لا يصلح للحائض أن تمسك المريض للصلاة ولا ترقده]
مسألة قال ابن القاسم: لا يصلح للحائض أن تمسك المريض للصلاة ولا ترقده، فإن فعلت أعاد في الوقت.