ومن كتاب الرهون وسئل: عن سنة رمي الجمار في أيام منى ويوم النحر. قال: أما يوم النحر فمن حين تطلع الشمس إلى زوال الشمس، فإذا زالت فقد فات الوقت إلا لعليل أو لناس، فإن رمى بعد الزوال فلا شيء عليه، ولكن الصواب وموضع الرمي في ذلك اليوم في صدر النهار. وأما أيام منى فمن حين تزول الشمس إلى أن تصفر، فإذا اصفرت فقد فات وقتها إلا لعليل أو لِنَاسٍ.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال: إن سنة رمي جمرة العقبة يوم النحر من طلوع الشمس إلى زوالها، وكذلك فعل رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ لأنه بات بالمزدلفة وصلى الصبح يوم النحر بها بالمشعر الحرام، ثم وقف به إلى قرب طلوع الشمس، ثم دفع إلى منى فرمى جمرة العقبة بعد طلوع الشمس. فمن رماها قبل طلوع الشمس بعد طلوع الفجر أو بعد زوال الشمس قبل غروبها فقد أساء ولا شيء عليه، ومن رماها قبل طلوع الفجر لم يجزه الرمي، ومن لم يرمها حتى غابت الشمس فقد فاته الرمي ووجب عليه الهدي. هذا مما لا اختلاف فيه في المذهب، وذهب الشافعي إلى أنه من رماها قبل الفجر بعد نصف الليل أجزأه الرمي، وذهب أبو حنيفة إلى أن من رماها قبل طلوع الشمس لم يجزه الرمي. وقد ذكرنا في رسم حلف بطلاق امرأته الثاني من سماع ابن القاسم ما تعلق به كل واحد منهما، وأن سنة رمي الجمار الثلاث في كل يوم من أيام منى من بعد الزوال إلى اصفرار الشمس، فإن لم يرمها حتى غربت رماها بعد الغروب ما بينه وبين أن تنقضي أيام منى وعليه الدم، وقيل: لا دم عليه، وإن لم يرمها حتى انقضت أيام منى فقد فاته الرمي ووجب عليه الدم.
[الرجل يوصي بستين دينارا يحج بها عنه فلا يجدون من يحج بها عنه]
ومن كتاب الجواب وسئل: عن الرجل يوصي بستين دينارا يحج بها عنه فلا يجدون