لباد» ، والسنة إذا عارضها أصل وجب أن تستعمل في موضعها، ولا يقاس عليها. واختلف قول مالك في أهل البادية الذين لا يجوز للحضري أن يبيع لهم على ثلاثة أقوال؛ أحدها: أنهم أهل العمود خاصة دون أهل القرى المسكونة التي لا يفارقها أهلها، وهي رواية أبي قرة موسى بن طارق عنه. والثاني: أنهم أهل العمود، وأهل القرى دون أهل المدن. والثالث: أنه لا يجوز للحاضر أن يبيع للجالب، وإن كان من أهل المدن والحواضر، فرأى على هذا القول أن المعنى في النهي إنما هو على أن يبيع الحاضر للباد؛ ولأن قوله:«لا يبع حاضر لباد» ، إنما خرج على الأعم في أن أهل البادية هم الذين يجلبون إلى الحاضرة، وهذان القولان في رسم تأخير صلاة العشاء بعد هذا، واختلف أيضا في حكم بيع الحاضر للبادي إذا وقع، وسيأتي القول فيه في رسم يوصي، من سماع عيسى إن شاء الله، وبالله التوفيق.
[مسألة: رجل فجر في السوق بغش الميزان]
مسألة قال مالك: سألني صاحب السوق عن رجل فجر في السوق، يريد جعل في مكياله زفتا، فأمر به أن يخرجه منه ولا يتركه فيه، وذلك أشد عليه من الضرب.
قال محمد بن رشد: قوله: وذلك أشد عليه من الضرب، يريد أن ذلك أردع لهم؛ لأن أهل الفجور والغش قلما ينكلهم الضرب، وظاهر قوله: أنه يخرج من السوق أدبا له، وإن لم يكن معتادا للغش، خلاف ما حكى ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون: أن من غش في أسواق المسلمين يعاقب بالسجن والضرب وبالإخراج من السوق إن كان معتادا للغش، ولا يرجع إلى السوق حتى تظهر توبته وتعرف. وقول ابن حبيب: إن المعتاد للغش، يريد الذي قد أدب عليه، فلم يردعه الأدب عنه، وعاد إليه