قال محمد بن رشد: هذا مثل ما في رسم البز، من سماع ابن القاسم، من كتاب كراء الدور، وهو كما قال؛ لأنه إن سمى عدة ما يبنيها به، ولم يسم ما يكون عليه في كل سنة؛ كان كراء مجهولا، وإن سمى ما يكون عليه في كل سنة، ولم يسم ما يبنيها به، كان الكراء معلوما، وأمده مجهولا، وإذا سمى الوجهين كان كراء معلوما إلى أجل معلوم فجاز، وإنما جاز وإن لم يبين هيئة بناء العرصة، والأغراض في ذلك مختلفة، من أجل أن المكتري كالوكيل له على ذلك، فإذا بنى العرصة على الهيئة التي تشبه أن تبنى عليها لزمه، كمن وكل رجلا أن يشتري له ثوبا أو جارية، فاشترى له ما يشبه أن يشتري له من ذلك لزمه. ولو وصف البنيان وعدد ما يسكنها من السنين لجاز، وإن لم يسم عدة ما يبنيه به، ولا ما يكون عليه في كل سنة، بل لا يجوز إذا اكتراها منه سنين معلومة ببناء موصوف أن يسمي للبنيان عددا معلوما؛ لأنه يعود بذلك غررا، ويكون من بيعتين في بيعة، وبالله التوفيق.
[يقول من جاءني بعبدي الآبقين فله عشرة دنانير فيؤتى بأحدهما]
ومن كتاب يوصي لمكاتبه بوضع نجم من نجومه وسألت ابن القاسم عن الرجل يقول: من جاءني بعبدي الآبقين، فله عشرة دنانير، فيؤتى بأحدهما. قال ابن القاسم: لا أحب هذا الجعل حتى يجعل في كل واحد منهما جعلا معروفا. قلت: فإذا وقع؟ قال: إذا وقع وكانت أثمانهما سواء، رأيت له نصف العشرة، وإن اختلفت أثمانهما كان له من العشرة بقدر ثمن الذي جاء به من ثمن صاحبه؛ لأنه إذا جاء بأدناهما ثمنا، قال صاحبه: لم أكن أرضى أن أجعل في هذا خمسة دنانير، وإنما ثمنه عشرة.
قال محمد بن رشد: قول ابن القاسم: هذا خلاف قوله في المدونة أنه جعل فاسد، ويكون له في الذي أتى به منهما قيمة عمله على قدر عنائه