قول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «من مثل بعبده أو أحرقه بالنار فهو حر» إذ عم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يخص مثلة من مثلة، وهذه مثلة، وإنما قال أشهب: إنه لا يعتق عليه؛ لأن قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خرج بسبب، وهو ما فعله زنباع بعبده سندر من جبه وجذع أذنيه وأنفه، إذ وجده يقبل جارية له، فقصر الحديث على سببه، وهي المثلة بقطع عضو من الأعضاء، وقد اختلف في اللفظ العام المستقل بنفسه الوارد على سبب هل يقصر على سببه أو يحمل على عمومه، فاختلافهما في هذه المسألة راجع إلى هذا الأصل، وقول أشهب في هذه المسألة أظهر، لأن الأصل أن لا يخرج ملك أحد من يده إلا بيقين، ولا يقين في هذه المثلة للاحتمال في الحديث، وبالله التوفيق.
[مسألة: يقول اشهدوا أن أم ولدي قد أعتقت رقيقها وهي تجحد]
مسألة وسئل: عن الرجل يقول اشهدوا أن أم ولدي قد أعتقت رقيقها أو قد حنثت فيهم بالعتق وهي تجحد، قال: إن كان السيد صحيحا فذلك عندي انتزاع، وهم أحرار، وإن كان مريضا لم يقبل منه.
قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قاله، إذ لا وجه للإشهاد على فعلها إلا إرادة إلزامها ذلك، وإذا ألزمها ذلك فقد انتزعهم منها وأعتقهم، فوجب أن ينفذ ذلك عليها في الحال الذي يجوز له فيه انتزاع مالها، وبالله التوفيق.