والسكنى معهم مكروه لوجهين، أحدهما: مخافة أن يعاقبهم الله على فعلهم فتأخذه العقوبة معهم، فقد روي «أن أم سلمة قالت لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون؟ فقال رسول الله: " نعم إذا كثر الخبث» ، وكان عمر بن عبد العزيز يقول ما يقال إن الله تعالى لا يعذب العامة بذنب الخاصة، ولكن إذا عمل المنكر جهارا استحلوا العقوبة كلهم، والوجه الثاني: إذا عملوا بالربا ولم يوفوا بالمكيال والميزان فقد خالط مالهم الحرام والحلال، ولا ينفك من سكن معهم من معاملتهم، ومعاملة من خالط الحرام ماله مكروهة، ووقع في بعض الكتب، وسمعت مالكا يذكر أمر أنطابلس في أمر آبارها بالباء المعجمة من أسفل، فيحتمل أن يكون المعنى في ذلك على هذا أن آبارها ينضب الماء عنها فيضطر جميعهم إلى الغسل والوضوء والشرب من أجبابها ومراجلها، ولا يوقن بطهارة مائها؛ لأنه من ماء المطر يشرب إليها حتى يجتمع فيها، فقد تمر على المواضع النجسة، وقد تقع فيها النجاسات وتموت فيها الدواب، وتختلف في أخذ الماء منه أيدي الناس، ومنهم الجنب والحائظ ومن لا يتحفظ بدنه فيتوقى من النجاسة على ما يجب، فكره سكناها لذلك، وبالله التوفيق.
[حكم التنعم بالحلال]
في التنعم وزي العجم قال مالك: قال عمر: وإياكم وهذا التنعم وزي العجم.
قال محمد بن رشد: أما التنعم بالحلال فهو حلال وإن كان لا بد من السؤال عنه، قال الله عز وجل:{لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ}[التكاثر: ٨] وقال النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «لتسألن عن نعيم هذا اليوم في الطعام» الذي كان عمله لهم أبو الهيثم بن التيهان، وقد كان صنع لهم خبزا من شعير، وذبح لهم شاة، واستعذب لهم ماء، لكنه يكره من أجل أنه إذا اعتاد التنعيم فيما رزقه