الخبز أن يكون حانثا؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في التمرة، ولأن العرب تقول للزوجين أدم الله بينكما يريدون بذلك الألفة والمحبة، فدل ذلك أن كل ما يطيب به الخبز فيؤكل به يسمى إداما لقوله وإن لم ينطلق عليه اسم إدام على انفراده، وهذا أصل مختلف فيه في المذهب، أعني مراعاة المقصد، وقد مضى ذلك في غير ما موضع، فإذا حلف الرجل ألا يأكل إداما لم يحنث بأكل التمر والتين والعنب، وما أشبه ذلك؛ إذ لا ينطلق عليه اسم إدام، ومن حلف ألا يأكل خبزا بإدام فأكل خبزا بتمر أو تين أو عنب أو ما أشبه ذلك جرى ذلك على الاختلاف في مراعاة المقصد، والأشهر في المذهب مراعاته، وألا يكون الحالف حانثا بذلك، وقد اختلف في الذي يحلف ألا يأكل خبزا وإداما أو خبزا وزيتا ولا نية له هل هو محمول على أنه أراد ألا يجمع بينهما فلا حنث بأكل أحدهما وهو ظاهر. قول أشهب هذا، وقيل: إنه محمول على أنه أراد ألا يأكلهما جميعا فيحنث بأكل أحدهما كمن حلف ألا يفعل فعلين ففعل أحدهما، وهذا على الاختلاف أيضا في مراعاة المقصد، فلم يراعه في هذه المسألة في المدونة.
[مسألة: حلف ألا يأخذ من فلان درهما أبدا فأخذ منه قميصا وفيه درهم]
مسألة قال أصبغ في من حلف ألا يأخذ من فلان درهما أبدا فأخذ منه قميصا وفيه درهم وهو لا يعلم به، ثم علم بالدرهم فرده على صاحبه، قال: ليس عليه شيء.
قال محمد بن رشد: لابن القاسم في المبسوط: إنه حانث إلا أن تكون له نية، وهو على أصله في المدونة فيمن حلف أنه لا مال له وله قدر ورثه لم يعلم به، وقال ابن كنانة فيها مثل قول أصبغ فيما لا يسترفع في مثله الدرهم، ويأتي على مسألة السرقة في المدونة الفرق بين ما يسترفع فيه الدرهم أو لا يسترفع، في ثلاثة أقوال، أحدهما أنه لا يحنث على القول