ومن كتاب أوله اغتسل على غير نية وسئل مالك: عن أيام العهدة في الاستبراء متى هي، أبعد الاستبراء أم قبله؟ قال: من يوم تباع تدخل في الاستبراء، ليس بعد الاستبراء عهدة.
قال محمد بن رشد: مثل هذا في رسم الأقضية من سماع أشهب، وإنما هذا إذا أقامت في الحيضة ثلاث ليال أو أزيد، وأما إن كان الاستبراء أقل من ثلاث فلا بد من تمام عهدة الثلاث، ولا تدخل عهدة الثلاث في عهدة السنة، قاله مالك في رسم الأقضية المذكور من سماع أشهب.
والفرق على قوله بين دخولها في الاستبراء، ودخولها في عهدة السنة أن عهدة الثلاث والاستبراء يتفقان في أن الضمان فيهما من البائع في كل شيء، فوجب أن يدخل الأقل منهما في الأكثر، وعهدة السنة إنما هي من الجنون والجذام خاصة فلم يدخل فيها الاستبراء ولا عهدة الثلاث.
وقد قال مالك في الواضحة إن عهدة السنة من يوم عقد البيع، وقاله ابن الماجشون في كتاب ابن المواز، ووجه هذا القول أنه لما كان الاستبراء وعهدة الثلاث وعهدة السنة يتفقان في الجذام والبرص وجب أن يدخل الأقل من ذلك في الأكثر فيما يتفقان فيه، وذهب المشايخ السبعة إلى أن عهدة الثلاث بعد الحيضة، فأحرى على قولهم أن تكون عهدة السنة بعد الاستبراء وبعد عهدة الثلاث، فيتحصل في المسألة ثلاثة أقوال؛ أحدها: أن العهدتين والاستبراء لا يدخل شيء من ذلك في شيء ويبدأ بالاستبراء، ثم عهدة الثلاث ثم عهدة السنة، وهو قول المشايخ السبعة، والثاني: أنهن يتداخلن جميعا فيكون الاستبراء وعهدة الثلاث وعهدة السنة كلها من يوم عقد البيع، وهو قول مالك في الواضحة، وقول ابن الماجشون في كتاب ابن المواز، والثالث: أن الاستبراء وعهدة الثلاث يتداخلان جميعا فيكونان من يوم البيع وعهدة السنة بعد تمامها جميعا، وهو قول مالك في سماع أشهب ودليل قوله في هذه الرواية، وبالله التوفيق.