عليه من ذلك كله؛ لأنه حال بينه وبين كرائها ومنعه من ذلك. وقد حكى ابن حبيب عن مطرف وابن الماجشون وأصبغ في الغاصب إذا سافر على الدواب التي اغتصبها السفر البعيد ثم ردها، فصاحبها مخير في القيمة يوم غصبها وإن كانت اليوم أحسن حالا؛ لأنه قد رمى بها القدر وعرضها الفوت، وفي أخذ دابته بعينها مع كراء ركوبه إياها. ومثل هذا حكى أبو زيد عن ابن الماجشون، وزاد قال: وإنما هو بمنزلة المكتري إن تعدى على ما اكترى، فانظر حيث يلزم المكتري القيمة فألزم ذلك الغاصب، أمرهما واحد. ولو كان الغاصب أمسكها في داره أياما كثيرة قدر ما لو سافر بها لزمته قيمتها، لم يلزمه في حبسه إياها قيمته إذا جاء بها صحيحة من غير سفر وإن كان قد حبسها عن أسواقها. وتفرقة ابن الماجشون هذه إذا حبس الغاصب الدابة عن أسواقها وأتى بها على حالها بين أن يسافر عليها في المدة التي حبسها فيها أو لا يسافر، قول خامس في المسألة، وسائر ما ذكره عيسى في الرواية بين لا وجه للقول فيه، وبالله التوفيق.
[مسألة: غاصب الأرض يحفر فيها حفرة تضر بالأرض أيؤمر بردمها]
مسألة قال: وسئل عن غاصب الأرض يحفر فيها حفرة تضر بالأرض أيؤمر بردمها إذا أستحقها صاحبها، قال: نعم، عليه ردمها.
قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قاله؛ لأن الأرض يمكن إصلاحها بردم ما احتفر فيها، فوجب ألا تفوت بذلك وأن يكلف الغاصب إصلاح ما أفسد منها. وهذا أبين من الثوب الذي يتعدى عليه الرجل فيحرقه حرقا يسيرا أنه يكلف إصلاحه وغرم ما نقصه بعد الإصلاح، ولو كانت الأرض إذا ردمها الغاصب لا تعود إلى حالها وينقص ذلك من قيمتها يتخرج ذلك على قولين: أحدهما: إنه ليس له إلا أن يأخذها على حالها أو يضمنه قيمتها يوم غصبها، والثاني: إن له إن يسقط عن حكم الغصب، ويطالبه بحكم العداء، فيكون من حقه أن يكلف ردمها وغرم ما نقصها ذلك بعد الردم،