الموسم قد يعرف بالحج، وقد قرئ:{لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلا مِنْ رَبِّكُمْ}[البقرة: ١٩٨] في مواسم الحج.
[مسألة: حلفت بالمشي إلى بيت الله فماتت فأراد أولياؤها أن يمشوا عنها]
ومن كتاب ليرفعن أمرا إلى السلطان مسألة وسئل عن امرأة حلفت بالمشي إلى بيت الله فماتت، فأراد أولياؤها أن يمشوا عنها، قال: لو أهدوا هديين كان أحب إلي، فإن لم يجدوا فهديا واحدا، قال سحنون: لا يلزم أولياءها أن يمشوا عنها إلا أن توصي بذلك.
قال محمد بن رشد: مذهب مالك أنه لا يحج أحد عن أحد، ولا يمشي أحد عن أحد؛ لأن ذلك من أعمال الأبدان قياسا على ما أجمعوا عليه في الصلاة، إلا أنه يقول: إن أوصى بذلك نفذت وصيته بالحج لما جاء في ذلك، عن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، ولم ينفذ في المشي، وأهدي عن الموصي هديين، قاله هاهنا، وفي رسم حلف بعد هذا، وفي المدونة هدي للمشي، وهدي لما يكون فيه المشي؛ إذ لا يكون إلا في حج أو عمرة، وفي سماع سحنون من هذا الكتاب لابن القاسم إذا أوصى أن ينفذ عنه ما يجب عليه في المشي الذي نذر، يهدي عنه بقدر الكراء، والنفقة هدايا إلى مكة، ولا يمشي عنه، ونحوه في سماع أشهب من كتاب النذور، وذهب سحنون إلى أنه تنفذ وصيته في الحج، وفي المشي قياسا على الحج، وهو قوله هاهنا، وابن كنانة لا يرى أن تنفذ وصيته في الحج، ولا في المشي، ويهدى عنه بقدر النفقة في ذلك هدايا، أو يتصدق بذلك عنه، وقول ابن كنانة القياس على المذهب في أنه ليس من البر أن يحج أحد عن أحد، وإنما ينفذ من الوصايا ما فيه بر وقربة، إلا أن من أصل مذهب مالك مراعاة الخلاف، وهو استحسان، واستحب مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - في رسم باع غلاما بعبد، هذا لمن وعد أباه أن