قسمة الشعراء في أول رسم هذا السماع، وقد مضى من القول على ذلك هنالك بيان ما يجب قسمته منها باتفاق إذا دعا إلى ذلك أحد الأشراك مما لا يجوز باتفاق ومما لا يجب إلا على اختلاف، والمسارح مقيسة على ذلك، وما وقع في سماع عبد الملك عن ابن وهب من أن المسارح لا تقسم وإنما تقسم الأرضون خلاف قول ابن القاسم هذا، وموضع اختلافهما إنما هو إذا كان المسرح خارجا عن أرض قريتهم هل يقسم بينهم على ما يدعونه من أنه مالهم وملكهم؟ وإذا كان بين القرى هل يقسم بينهم أيضا على ما يدعيه أهل كل قرية من أنه من حيّز قريتهم أم لا؟ وكذلك يختلف أيضا إذا كان بإزاء القريتين أو القرى هل يقسم بينهم إذا ادعوه؟ فقيل: إنه لا يقسم بينهم لما فيه من الحق لغيرهم ممن يمر به فيرعى فيه، وقيل: إنه يقسم بينهم بأن يأخذ أهل كل قرية منه ما كان بإزاء قريتهم فيقسمونه بينهم دون يمين إن اتفقوا أو بعد أيمانهم إن اختلفوا، وأما إن كان داخلا في أرض قريتهم أو خارجا عنها فثبت أنه مالهم وملكهم فلا اختلاف بينهم في وجوب قسمته بينهم، قيل: إذا دعا إلى ذلك بعضهم، وقيل: إذا دعا إلى ذلك جميعهم أو جلهم ومن إليه عماد أمرهم، والأول أظهر، والله أعلم.
[مسألة: أخذ نصيبه وأراد أن يقره مسرحا لماشيته أن يحميه من الناس ويبيع كلأه]
مسألة قلت: أفيجوز لمن أخذ نصيبه وأراد أن يقره مسرحا لماشيته أن يحميه من الناس ويبيع كلأه؟ قال يحيى: قد كرهه بعضهم وأجازه بعضهم، وقول الذي كرهه أعجب إلي لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ» فقد نهى عن منع فضل الماء فكيف الكلأ بعينه؟ فلا أرى أن يبيعه ولا يمنعه، ثم قال: أربع لا أرى أن يمنعن الماء [للشفة] والنار والحطب والكلأ.