[ما جاء في أن يحيى بن زكريا وعيسى ابن مريم ابنا خالة]
في أن يحيى بن زكريا وعيسى ابن مريم ابنا خالة قال: وبلغني أن عيسى ابن مريم ويحيى بن زكريا ابنا خالة، وكان حماهُما جميعاً معاً، فبلغني أن أم يحيى قالت لمريم: إني أرى ما في بطني سجد لما في بطنك، لتفضيل عيسى، فإن الله جعله يُحيي الموتى، ويبرئ الأكمه والأبرص، ولم يكن ليحيى عيشٌ إلا عشب الأرض، وإن كان ليبكي من خشية الله، حتى لو كان على خده القار لأذابه، ولقد كان الدمع اتخذ في وجهه مجرى.
قال محمد بن رشد: المعنى في هذا بيِّن، ليس فيه ما يخفى فيُحتاج إلى بيانه. وبالله التوفيق.
[ما جاء في أَن الدعاء لا يرد القدَر]
في أَن الدعاء لا يرد القدَر قال: وحدَّثني مالك أن ابناً لعبد الملك بن مروان مرض، فكأنَّهم رقوا له. قال: فقالت أُمه لو أخرجته إلى القراء والناس يدعون له. قال: فخرج، ثم إنه مات، قال: فدخل عليها عبد الملك. فقالت: قد دُعي له فمات، قال عبد الملك: إن لِلَّهِ عَزَائِمَ مِنْ قَضَائِهِ لَا مَرْدُودَ لَهَا.
قال محمد بن رشد: قول عبد الملك، إن لله عزائم من قضائه لا مردود لها، كلام ليس بمحصل، لأن فيه دليلاً على أنَّ له عزائم من قضائه يردها الدعاء، والدعاء لا يرد القضاء، إذ لا يدعو الداعي، ولا يجاب لدعائه إلّاَ بأمر من الله. قد سبق به القضاء. فقد علم اللهُ في أَزله، من يدعو فيجيب دعاءه، ومن يدعو فلا يجيب دعاءه. ومن لا يدعو إذا لم يوفقه للدعاء. وعلم أن من قضى عليه أَن يدعو فيجيب دعاءه فيما دعا به وسأَله لو سبق قضاؤه ألَّا يدعو في ذلك الشيء لم يكن إذ لم يدع فيه،