وبين ذلك. قال ابن القاسم: وإن لم تكن له نية فلم يجبها حنث.
قال محمد بن رشد: قوله: ويحلف، يدل على أنه لم يكن مستفتيا في يمينه، وإنما كان مخاصما فيها، فادعى البينة بعد إقراره باليمين أو قيام البينة عليه بها، ولو كان مستفتيا لم يحلف، وإنما وجب أن ينوى مع قيام البينة؛ لأنها نية محتملة، ليست بمخالفة لظاهر لفظه، من أجل أن الألف واللام في لفظة الصلح، يحتمل أن تكون للجنس فتعم أنواع الصلح بالقليل والكثير، ويحتمل أن يكون للعهد وهو الذي يشبه أن يتخالع به الزوجان، كما ادعى. ولو قال لها: إن دعوتني إلى صلح فلم أجبك، فأنت طالق، لوجب أن لا ينوى مع إيقام البينة؛ لأن لفظة صلح نكرة، فهي تقع على كل صلح، بقليل أو كثير، كمن حلف ألا يدخل بيتا فقال: نويت شهرا وما أشبه ذلك. وقول ابن القاسم، وإن لم تكن له نية، ولم يجبها حنث صحيح، مبين لقول مالك، وبالله التوفيق.
[مسألة: خالع امرأته على أن تخرج إلى بلد غير بلده]
مسألة وقال مالك: من خالع امرأته على أن تخرج إلى بلد غير بلده، أخذ منها على ذلك شيئا، أو لم يأخذ، ثم أبت أن تخرج فهي على خلعها ولا تجبر على الخروج.
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال؛ لأن الخلع عقد يشبه عقد النكاح إذ تملك به المرأة نفسها، كما يملك بالنكاح المرأة زوجها، فوجب ألا تلزم الشروط فيه بالخروج من البلد، أو الإقامة فيه أو ترك النكاح، وما أشبه ذلك من تحجير المباح، كما لا يلزم شيء من ذلك في النكاح، إلا أن يكون بعقد يمين، مثل أن يقول: فإن فعلت فعبدها حر، ومالها صدقة على المساكين، فيلزمها إن فعلت حرية عبدها، أو الصدقة بثلث مالها، ولو خالعها على أن تخرج من البلد، فإن لم تفعل فعليها لغير زوجها كذا وكذا، لحكم عليها بذلك له، على القول بأن من حلف بصدقة شيء بعينه، وعلى رجل بعينه