القاسم عن مالك قال: رأيت عامر بن عبد الله بن الزبير، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، وهشام بن عروة يفرقون رؤوسهم، وكانت لهشام جمة إلى كتفيه. وروي أن عمر بن عبد العزيز كان إذا انصرف من الجمعة أقام على باب المسجد حرسا يجزون كل من لم يفرق شعره. وقد روي أن «شعر رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان دون الجمة وفوق الوفرة» . وروي «أنه كان إلى شحمة أذنه» وروي «أنه كان بين أذنيه وعاتقه» . وهذا يدل على أن اتخاذ الشعر أحسن من جزه وإحفائه. وذهب الطحاوي إلى أن جزه وإحفاءه أحسن من اتخاذه واستعاله، واحتج بما روي من أن «أبا وائل بن حجر أتى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وقد جز شعره فقال له: هذا أحسن» قال: إن ما قال فيه رسول الله- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنه أحسن فلا شيء أحسن منه، ومعقول أنه قد صار إليه وترك ما كان عليه قبل ذلك، إذ هو أولى بالمحاسن كلها من جميع الناس. وهذا في الرجال، وأما المرأة فلا اختلاف في أن جز شعرها مثلة. وفي كتب المدنيين سئل ابن نافع هل كره للمسلمة أن تفرق قصتها كما يصنع نساء أهل الكتاب؟ قال: لا، وبالله التوفيق.
[البِرِّ المحمود]
في البِرِّ المحمود قال أشهب: أخبرني مالك قال، حدثني ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أنه قال: لم يعرف البر في عمر ابن الخطاب ولا في ابنه حتى يقولا أو يفعلا.
قال محمد بن رشد: المعنى في هذا أنهما كانا لا يظهران من فعل الخير أكثر مما كانا يقولانه أو يفعلانه، وفي هذا الحضُّ على تجنب الرياء، وبالله التوفيق.