قال محمد بن رشد: المركن الإجانة التي تغسل فيها الثياب، قاله الهروي. وفائدة هذا الحديث إجازة وضوء المرأة بفضل الرجل ووضوء الرجل بفضل المرأة؛ لأنه الظاهر منه، وهو مذهب مالك وجميع أصحابه لا اختلاف بينهم في ذلك. ومن الحجة لهم «قول عبد الله بن عمر في الموطأ: إن كان الرجال والنساء ليتوضئون جميعا في زمن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» . وهذه مسألة لأهل العلم فيها خمسة أقوال: أحدها: قول مالك هذا وجميع أصحابه، والثاني: أنه لا يتوضأ واحد منهما بفضل صاحبه شرعا معا أو غاب أحدهما عن الوضوء، والثالث: أنه تتوضأ المرأة بفضل الرجل ولا يتوضأ الرجل بفضل المرأة، والرابع: أنه يتوضأ كل واحد منهما بفضل صاحبه إذا شرعا معا. بخلاف إذا غاب أحدهما على الوضوء، والخامس: أنه لا بأس أن يتوضأ كل واحد منهما بفضل صاحبه ما لم يكن الرجل جنبا أو المرأة حائضا أو جنبا. وقد قيل: إن عائشة هذه صحابية، وإن مالكا - رَحِمَهُ اللَّهُ - أدركها فهو بذلك من التابعين. والصحيح أنها ليست صحابية؛ لأن الكلاباذي ذكرها في التابعات ولم يذكرها ابن عبد البر في الصحابيات، فانظر ذلك، وبالله التوفيق.
[مسألة: في تدلك المغتسل]
] قيل لسحنون: أرأيت قول مالك لا يجزئ الجنب الغسل حتى يمر يديه على جميع جسده كله ويتدلك، أرأيت لو أن رجلا بادنا لا يقدر أن يعم بيديه جميع جسده، قال فليوكل رجلا أو امرأة تجري يدهما على ما قصر عنه يد المغتسل. قيل له: فإن كان في سفر وليس معه أحد؟ قال: فليأخذ ثوبا وليبله ويمره على المواضع التي لا يبلغها بيده.