قال محمد بن رشد: الاختيار أن يصلي على الأرض دون حائل؛ لأن ذلك من التواضع الذي هو الشأن في الصلاة. وقد روي أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال. «يا رباح عفر وجهك في التراب» ، ولأنه العمل القديم؛ لأن مسجد مكة والمدينة كانا محصبين غير مفروشين، فالصلاة على حائل مكروهة إلا أن يكون الحائل مما يشاكل الأرض ولا يقصد به الترفه والكبر، كحصر الحلفاء والبردي والدوم وشبه ذلك مما تنبته الأرض بطبعها. وقد أجاز محمد بن مسلمة الصلاة على ثياب الكتان والقطن؛ لأنهما مما تنبته الأرض. والأظهر ما ذهب إليه مالك؛ لأن الأرض لا تنبتهما بطبعها؛ ولأن ذلك مما فيه الترفه. وإذا كانت العلة في هذا القصد إلى التواضع وترك ما فيه الترفه، فالصلاة مكروهة على حصر السيجان وما أشبهها مما يشترى بالأثمان العظام ويقصد به الكبر والترفه والزينة والجمال، والله أعلم.
[مسألة: الصلاة فوق السطوح التي ليست بمحظورة أيجعل بين يديه سترة]
مسألة وسألته عن الصلاة فوق السطوح التي ليست بمحظورة، أيجعل بين يديه سترة أم يصلي ولا يجعلها؟ فقال: يجعل سترة أحب إلي، فإن لم يقدر فأراه واسعا، وكذلك الصلاة في الصحاري إلى سترة، فإن لم يجد صلى إلى غير سترة. قلت له: ولا يجعل خطا؟ قال: لا يجعل خطا، وأرى ذلك واسعا. قلت له: فأدنى الذي يستر المصلي في صلاته؟ فقال: مثل مؤخرة الرحل في الطول على غلظ الرمح في الغلظ. قيل له: فعصا الحمار؟ فقال: ما أرى ذلك.
قال محمد بن رشد: في هذه الرواية السترة من هيئة الصلاة وشأنها وسنتها، فكره الصلاة دون سترة، وإن كان بمكان يأمن أن يمر فيه أحد بين