عليه وسلم: إن أخا صداء أذن، ومن أذن فهو يقيم» . وروي أن عبد الله بن زيد حين أري الأذان، «أمر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بلالا فأذن، ثم أمر عبد الله فأقام» ؛ فأخذ مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - بالذي يوجبه النظر من ذلك؛ لما تعارضت فيه الآثار، وذلك أن الأذان والإقامة من أسباب الصلاة، فلما جاز أن يقيم الصلاة غير الإمام، جاز أن يقيمها غير الذي أذن؛ إذ هي إلى الصلاة أقرب منها إلى الأذان، وثبت أنهما شيئان يجوز أن يفعل أحدهما غير الذي فعل الآخر، بخلاف الأذان، فإنه لا يجوز لرجلين أن يفعل كل واحد منهما بعضه.
[مسألة: مسجد بين قوم تنازعوا فيه واقتسموه بينهم أيجزئ أن يكون مؤذنهم واحدا]
مسألة وسئل ابن القاسم عن مسجد بين قوم، فتنازعوا فيه واقتسموه بينهم، وضربوا وسطه حائطا، أيجزئ أن يكون مؤذنهم واحدا؟ وإمامهم واحدا؟ قال ابن القاسم: ليس لهم أن يقتسموه؛ لأنه شيء سبلوه لله - وإن كانوا بنوه جميعا، وقال أشهب مثله؛ ولا يجزئهم مؤذن واحدا، (ولا إمام واحد) .
قال محمد بن رشد: وهذا كما قال: إنه ليس لهم أن يقتسموه؛ لأن ملكهم قد ارتفع عنه حين سبلوه؛ فإن فعلوا، فله حكم المسجدين في الأذان؛ والإمام حين فصلوا بينهما بحاجز، يبين به كل واحد منهما عن صاحبه، وإن كان ذلك لا يجوز لهم - وبالله التوفيق.