ومن كتاب البيوع والصرف قال أصبغ: سألت ابن القاسم يقول فيمن سرق عبدا فباعه: إن السيد إن أجاز البيع وأخذ الثمن، فلا كلام للمشتري في رده، وهو له لازم، والعهدة في ذلك على السيد، وليس على السارق منه شيء. وقال أصبغ: وذلك ما لم يدخل البيع فوت، ولا العبد، فإن دخل ذلك الفوت حتى يكون المستحق مخيرا في الثمن أو القيمة، ليس في العبد لفواته، فاختار القيمة من السارق، فالعهدة للمشتري على السارق، وإن اختار الثمن، فالعهدة عليه أيضا.
قال محمد بن رشد: اختلف في الغاصب أو السارق يبيع الشيء: المغصوب أو المسروق، فيأتي صاحبه فيستحقه، ويجيز البيع، ويأخذ الثمن، هل تنتقل العهدة على الغاصب إليه أم لا؟ على قولين؛ أحدهما: أنها تنتقل إليه، فات العبد أو لم يفت، وهو ظاهر قول ابن القاسم في هذه الرواية، إذ لم يفرق فيها بين أن يفوت العبد أو لا يفوت، ودليل ما في كتاب الاستحقاق من المدونة في الذي يستحق الدار من يد المشتري، وقد أكراها السنة مضت منها ستة أشهر، إن له أن يمضي الكراء لباقي المدة، ولا حجة للمكتري في انتقال العهدة إليه، إذ لا ضرر في ذلك عليه من أجل أنه إنما يؤدي بحسب ما يسكن، فإن انهدمت الدار خرج ولم يكن عليه شيء، كما لو كانت عهدته على الأول، وإن كان قد نقد الكراء، كان من حقه أن يسترجع كراءه، فيودي بحساب ما يسكن، إلا أن يكون المستحق مليا أو يأتي بحميل ملي، فيأخذ الكراء. هذا معنى قوله في المدونة دون لفظه، وهذا إذا لم تف البقعة مهدومة إن انهدمت الدار بالكراء، وأما إن وفت بها، فمن حقه أن يأخذ الكراء. قاله بعض شيوخ صقلية، وهو صحيح؛ لأن البقعة تكون في يده، كالرهن فيما قدم من الكراء إن انهدمت الدار. قال: وإنما يكون له أن يأخذ الكراء، إذا كان مليا، إذا كان قد علم بأن المكتري قد نقد الكراء، وكانت