أصبغ: وأنا أرى إن كان البلد البعيد، فالقول ما قال ابن القاسم، وعليه أن يوثق له بحقه، قبل أن يخلى بينه وبينه، وإن كان الموضع القريب، مثل بعض الأرياف والقرى، فأرى له أخذه وإن كره، والظالم يحمل عليه بعض الحمل، ولا كل. قال أصبغ: قيل لأشهب، فالعروض، قال كذلك يأخذها إن شاء، أو يأخذ قيمتها، ثم أن ليس عليه ردها. قال أصبغ: يأخذ العروض إن شاء؛ لأنها سلع بأعيانها، ولا سروالها كالجارية بعينها، والدابة والثوب، ولا شيء عليه من حمولتها، ولا نفقة يغرمها، مع أخذها ولا على المغتصب ردها وحملانها راجعا بها، وإن شاء المغصوب تركها وأخذ قيمتها حيث غصبها، ليس حيث يأخذها، كالعين إذا تغيرت كانت له قيمتها، وما ذلك بالقوي فيه كغيره في القياس والاستحسان أحب إلي، وأرى أن البلدان أغير إذا كانت بعيدة، وإن لم تتغير في الأبدان إذا حملها إلى البلدان والآفاق.
قال محمد بن رشد: ساوى أشهب في هذه الرواية بين الطعام والبز والعروض والحيوان في أن للمغصوب منه أن يأخذه حيث ما وجده من البلاد، وذلك خلاف قول ابن القاسم وروايته عن مالك، فإنه فرق بين الطعام والعروض والحيوان في ذلك، وفرق أيضا بين العروض والحيوان، مثل الدواب التي لا يكرى على حملها، ووافقه سحنون في الطعام، وخالفه في العروض والحيوان، فيتحصل في العروض والحيوان ثلاثة أقوال، وفي الطعام بتفرقة أصبغ ثلاثة أقوال أيضا.
وقد مضى تحصيل ذلك كله، وبيانه وشرحه في سماع سحنون فلا معنى لإعادته. والله الموفق.