بمنزلة الرجل يريد حبس الجارية، قال ابن القاسم مرة أو مرتين، سواء أراد حبسها أو لم يرده.
قال محمد بن رشد: قد اختلف في التسرر ما هو؟ فقيل: إنه الوطء، وإليه ذهب مالك وعامة أصحابه، وعلى هذا يأتي قول ابن القاسم هذا: إنه إذا وطئها مرة أو مرتين فقد بر، وإن عزل عنها، ولم يرد حبسها ولا اتخاذها، وقيل: إنه الاتخاذ للوطء، وهو قول ابن كنانة، يقوم ذلك من قوله في رسم إن خرجت، من سماع عيسى، من كتاب العتق، في الذي يقول: كل أمة أتسررها فهي حرة، فيشتري خادما تخدمه فيطأها؛ أنها لا تكون حرة في مثل هذا إلا أن تحمل، يريد أنه لا يلزمه حريتها بتلك الوطأة، إلا أن تحمل منها إذا لم يطأها متخذا لذلك، فعلى هذا القول يأتي قوله في هذه الرواية: يريد بالوطء مرارا، بمنزلة الرجل يريد حبس الجارية، يريد حبسها للاتخاذ، فأرى قائل ذلك ابن كنانة، والله أعلم؛ لأنه مذكور في المسألة التي قبلها، وهذه معطوفة عليها.
وقيل: إنه الحمل، فعلى هذا القول لا يبر الذي يحلف بطلاق امرأته إن لم يتسرر عليها جارية فيطأها، وإن نوى حبسها لذلك ولم يعزل عنها، وهو على حنث في امرأته؛ لا يجوز له وطؤها حتى تلد منه جارية، فإن طلبت امرأته الوطء ورافعته في ذلك طلق عليه، وقيل: يضرب له أجل المولي، ويطلق عليه عند انقضائه بالإيلاء، إلا أن ترضى أن تقيم معه دون وطء، هذا هو الحكم في هذه اليمين على هذا القول، على قياس ما وقع في الإيلاء من المدونة في نظير هذه المسألة، وبالله التوفيق.
[مسألة: حلف ألا يئويه وفلانا سقف بيت أبدا فمر بسقيفة فيها طريق]
مسألة وقال مالك في رجل حلف ألا يئويه، وفلانا سقف بيت أبدا، فمر بسقيفة فيها طريق، وهو يعلم أن الذي حلف عليه فيها، قال: إنما حلفت ألا أجلس معه تحت سقف بيت أبدا، وإنما مررت بالطريق.