دينارا، إلا أن يشاء، وليس للواهب على الموهوب له أكثر من قيمته. قال عيسى: قال ابن القاسم: إنما هذا إذا فاتت أو نقصت، فأما إذا لم تفت، وكانت قائمة بعينها، وهي على حال ما وهبها أو أفضل، فهو مخير بين أن يأخذ ما أشبه، وبين أن يأخذ هبته، وليس النمل في الهبة فوتا، وإنما الفوت فيها النقصان.
وذهب مطرف إلى أن الواهب أحق بهبته، وهو بالخيار فيها ما لم يرض، وإن فاتت حتى يفوت موضع الرد فيها بموت وما أشبه ذلك، فحينئذ تلزمه القيمة، ولا يكون لواحد منهما في ذلك خيار، وروي ذلك عن مالك، وهو معنى حديث عمر. وروى ابن الماجشون، عن مالك: أن الهبة للثواب إذا قبضت، لزم الموهوب له فيها القيمة بالقبض، ولم يكن فيها رد ولا استرداد، إلا عن تراض من الواهب والموهوب له، زادت أو نقصت، أو كانت على حالها، وهو قول رابع في المسألة.
وقوله: إن الهبة للثواب إذا كانت جارية فوطئها الموهوب له، إِنَّ وَطْأَهُ إياها فَوْتٌ يُلْزِمُهُ قِيمَتَهَا -صحيح، لا اختلاف فيه؛ لأن وطأه إياها على مذهب ابن القاسم رِضًا منه بالقيمة، فليس له أن يردها، ولا للواهب أن يستردها، إذ قد كان يلزمه أخذ القيمة فيها قبل أن يطأها الموهوب له. وقال مطرف وابن الماجشون وأصبغ: إن الغيبة عليها فوت فيها، وإن لم يطأ، تلزمه بها القيمة فيها، ولا يصح الرد فيها وإن لم تحمل؛ لأن ذلك ذريعة إلى إحلال الفرج بغير ثمن.
وأما قوله في التفليس: إن الواهب أحق بهبته، إلا أن يشاء الغرماء أن يدفعوا إليه قيمتها يوم الهبة، فقد مضى الكلام على ذلك وتوجيه الاختلاف فيه في أول سماع ابن القاسم من هذا الكتاب، فلا معنى لإعادته.
[مسألة: وهب لرجل مريض هبة ولا مال له غيرها]
مسألة
قال: وسألته عن رجل مريض، وهب لرجل مريض هبة ولا مال له غيرها، فقبضها الموهوب له وهو مريض، فوهبها للواهب،