قال محمد بن رشد: المعنى في هذه المسألة أنها خالعته على أن يسلم كل واحد منهما إلى صاحبه متاعه، فأسلمت إليه ما ظهر من متاعه، ولم تعطه شيئا مما غابت له عليه منه، وزعمت أنها لم تغب له على شيء، ولا له عندها شيء، فلزمه الخلع بظاهر الحكم، ولم يصدق فيما ادعى مما يبطله عنه من جحدها لمتاعه الذي إنما خالعها على أن تقر له به، وتعطيه إياه وأمره أن يطلقها، فيقول: أنت طالق استحسانا، لئلا تخرج، ويأثم إن تزوجت، وليجوز له أيضا هو نكاح إن شاء، أو رابعة إن كان عنده ثلاث سواها، إذ هي بائنة، في عصمته في باطن الأمر، إن كان صادقا؛ لأن حكم الحاكم في الظاهر، لا يحيل الأمر عما هو عليه في الباطن عند من علمه، ولو أقرت له بالمتاع، لحكم عليها بدفعه إليه، ولو قال: إنها أقرت له بمتاعه، فخالعها على أن تدفعه إليه فجحدت، إن تكن أقرت له بشيء للزمه الخلع في الظاهر والباطن، ولم يكن عليها إلا اليمين، ما أقرت بشيء على معنى ما في المدونة وما مضى في آخر مسألة من الرسم الأول، من السماع، وبالله التوفيق.
[يطلق امرأته وله منها بنت، فألقتها أمها إليه]
ومن كتاب الشجرة تطعم بطنين في السنة وسئل مالك عن الرجل يطلق امرأته، وله منها بنت، فألقتها أمها إليه، وقالت: ليس لي بابنتك حاجة، فدفعها إلى امرأته، وقالت له: إن وجدت شيئا تعطيني أخذتها منك، وإلا أرضعتها لك باطلا، فقامت جدة البنت أم امرأته فقالت: لا أسلم ابنة ابنتي، وأنا آخذها، فقال له مالك: أله سعة؟ قال: لا، قال: لا أرى ذلك لها، كأنه يقول: لا تأخذوا منه شيئا في معنى ما رأيت منه.
قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قال: إنه إذا كان الأب معسرا فليس للجدة أن تأخذها، إلا أن تلتزم إرضاعها، إذ قد سقط ذلك عن الأب لعدمه، ولو كان موسرا لكان للجدة أن تأخذها، ويكون على الأب أجرة رضاعها على معنى ما في المدونة، خلاف ما روى ابن وهب عن مالك في