قال محمد بن رشد: المعنى في هذه الوصية بين لأن حظ الدنيا فان وحظ الآخرة باق، فمن الحظ للرجل أن يقدم ما يبقى على ما يفنى. وبالله التوفيق.
[التحذير من الفتنة]
ومن كتاب أوله الشريكان يكون لهما مال في التحذير من الفتنة قال: وسمعت مالكا يذكر «أن النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ذكر فتنة فقالوا: يا رسول الله ما النجاء منهما؟ قال: ترجعون إلى أمركم الأول» .
قال محمد بن رشد: الفتن على وجوه: فمنها في أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنهم كانوا يعذبون ليرتدوا عن دينهم، فذلك قول الله عز وجل:{وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ}[البقرة: ١٩١] أي العذاب؛ ومنها أن يفتن الله قوما أي يبتليهم؛ ومنها ما يقع بين الناس من الحروب وغير ذلك، وهذه الفتنة هي التي أشار إليها في هذا الحديث، والله أعلم، وعنى بها ما جرى بين الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - من الخلاف الذي أدى إلى مقاتلة بعضهم بعضا. قال سفيان: سمعت حذيفة يقول: «بينما نحن جلوس عند عمر بن الخطاب إذ قال: أيكم يحفظ قول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - في الفتنة؟ قال: فتنة الرجل في أهله وماله وولده وجاره تكفرها الصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال: ليس عن هذا أسألك، ولكن عن التي تموج كموج البحر، قال: ليس عليك منها بأس يا أمير المؤمنين، إن