أن يحكم بالإقرار على من انتهك ماله فيعاقبه به ويتحول المال بإقراره، ولا يحكم بشيء من ذلك بالبينة. والأصل في ذلك قطع أبي بكر الصديق - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يد الأقطع الذي سرق عقد زوجته أسماء لما اعترف بسرقته، وإن كان في حديث الموطأ فاعترف به الأقطع أو شهد عليه على الشك فالصواب ما في غير الموطأ أنه اعترف من غير شك، إذ لو لم يعترف ويقر على نفسه لما قطعه بالبينة، كما لو كان المسروق له، إذ لا فرق بين كونه له أو لزوجته في هذا؛ لأن متاعها كمتاعه، والدليل على ذلك قول عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لعبد الله بن عمرو الحضرمي لما جاء بغلامه، فقال: إن هذا سرق مرآة لامرأتي. فقال له: لا قطع عليه، خادمكم سرق متاعكم. ألا ترى أن الرجل لا يجوز له أن يشهد لزوجته كما لا يجوز أن يشهد لنفسه، فإذا كان يحكم بالإقرار في ماله كما يحكم به في مال غيره كان أحرى أن يحكم بالإقرار في عرضه كما يحكم به في عرض غيره، لما يتعلق في ذلك من الحق لله؛ لأن الاجتراء على القضاة والحكام بمثل هذا توهين لأمرهم، وداعية إلى الضعف عن استيفاء الحقائق في الأحكام، فالمعاقبة في مثل هذا أولى من التجافي عنه والعفو فيه، وهو دليل قوله: وما ترك ذلك حتى خاصم أهل الشرف في العقوبة في الإلداد، وكذلك قال ابن حبيب في الواضحة: إن العقوبة في هذا أولى من العفو فيه وبالله التوفيق.
[مسألة: للقاضي أن يقف على الحقوق بنفسه وبمن معه من أهل العلم فيما التبس]
مسألة وكان بين رجلين خصومة من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قريبا من المدينة في أرض لهما حتى ارتفع الشأن بينهما فركب عثمان