في ذلك وكانت خصومتهما في زمن عثمان وركب معه رجال فلما ساروا قال رجل: إن عمر قد قضى فيها. فقال عثمان: لا أنظر في أمر قد قضى فيه عمر ورجع.
قال القاضي: وقعت هذه الحكاية في آخر الزكاة الأول من المدونة وفائدتها والذي فيها من الفقه أن القاضي يستحسن له أن يركب ويقف على الحقوق بنفسه وبمن معه من أهل العلم فيما التبس وأشكل، وقد يكون هذا كثيرا في الضرر وشبهه، ولو أمكنه أن يقف على جميع الأمور بنفسه لكان أحسن، ولكن هذا لا يمكنه فيستنيب من يوجهه مكانه لذلك في الحيازات وشبهها، والواحد في ذلك يجزئ كما قال في المدونة في الذي يرسله لتحليف المرأة، والاثنان أحسن. وإنما رجع عثمان وترك ذلك لأن المحكوم عليه كان يريد فسخ قضاء عمر فيه، وذلك ما لا يجوز. ففي الحديث من الفقه أن القاضي إذا بلغه أن قاضيا قضى في أمر لم يكن له أن ينظر فيه، وهذا ما لا اختلاف فيه إذا كان القاضي الذي قضى في ذلك الأمر عدلا، والذي قال ذلك لعثمان هو معاوية، وكانت الخصومة بين علي بن أبي طالب، وطلحة بن عبيد الله في ضفير بين ضيعتيهما كان علي يحب أن يثبت، وطلحة يحب أن يزال، فوكل علي عبد الله بن جعفر فتنازعا الخصومة في ذلك بين يدي عثمان وهو خليفة، فقال لهما: إذا كان غدا ركبت في الناس معكما حتى أقف على الضفير فأقضي فيه بينكما معاينة، فركب في المهاجرين والأنصار، وجاء معهم معاوية، فقال وهما يتنازعان الخصومة في الطريق: لو كان منكرا لأزاله عمر، فكان قوله سبب توجه الحكم لعبد الله على طلحة، فوقف عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - والناس معه على الضفير فقال: يا هؤلاء أخبرونا أكان هذا أيام عمر؟ فقالوا: نعم، قال: فدعوه كما كان أيام عمر وانصرف. قال